للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعتقد أنها مبيعة، وأن غرسه واقع في ملكه، فقد نقل أئمة المذهب عن الشافعي في هذه الصورة أنه قال: "هو في غراسه كالمستعير إذا غرس على وفق الإذن، فإنا لا نقلع غراسه مجاناً". وهذا حسن منقاس لا شكّ؛ فإن ما جرى [من] (١) صورة البيع، لا ينحط عن الإذن في الغراس.

فأما إذا كان عالماً بفساد البيع، وأقدم على الغراس، مع العلم بحقيقة الحال، فقد نُقل عن الشافعي أنه قال: "غراسه مقلوع".

فإن قيل: إن لم يصح البيع، فهلا قيل: ما صدر من الراهن إذنٌ في الغراس؟ قلنا: لم يتعرض الراهن لتفصيل التصرفات، وإنما ذكر بيعاً، فإن صح، حكم به، وإن فسد وجرى غرس على جهل، يعذر الغارس، وكان كالمستعير. وَإن غرس عن علم، فلا عذر.

وهذا على حاله غير خالٍ عن ضرب من الاحتمال.

فرع:

٣٧٨٦ - من مات وخلف تركة والديون على قدرها، أو أكثر، أو أقل، فالذي أطلقه علماء الشريعة أن الديون تتعلق بأعيان التركة، وتصير التركة موثقة بها. ثم ذكر العراقيون قولين في أن تصرف الوارث هل ينفذ في التركة قبل أداء الدين: أحدهما - أنه لا ينفذ، وهو ظاهر ما اختاره المراوزة.

والقول الثاني - إنّ تصرفه نافذ، ونزلوا تعلق الدين بالتركة منزلة تعلق الأرش برقبة العبد الجاني، وقد مضى في بيع الجاني قولان، والتفريع عليهما في كتاب البيع، وإنما شبهوا هذا بتعلق الأرش؛ من قِبل أن الأرش يتعلق برقبة الجاني من غير قصدٍ من المالك، كذلك الدين يتعلق بالتركة من غير إيثار واختيارٍ من المتوفَّى ومن الورثة.

وهذا الذي ذكروه تشبيه حسن من طريق الظاهر.

ولكن الذي يقتضيه الأصل عندي أن تعلق الدين بالتركة يضاهي طريق تعلق الرهون، والدليل عليه أن هذا مما حكم الشارع به نظراً للمتوفَّى، ولأجل تحقيق ذلك الحكم بحلول الآجال، مع ما فيها من التفاوت في المالية. فإذا كان سبب تعلق الديون


(١) في الأصل: في.