للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤٠٥٠ - والمحجور عليه المفلس إذا صرف القاضي أموالَه الموجودةَ إلى غرمائه، فهل يرتفع الحجر عنه أو لا بد من أن يفكه الحاكم؟

في المسألة وجهان: أحدهما - لا بد من رفع الحاكم؛ فإن ذلك يتعلق بالنظر والبحث والاجتهادِ، فكما لا يثبت الحجر إلا بضربِ السلطان [كذلك] (١) لا ينفك إلا بفكه.

والوجه الثاني - أن الحجر [ينفك] (٢)؛ فإن سببه صرفُ ما كان له من مالٍ إلى ديونه، فإذا انتجز ذلك، لم يكن للحكم باستمرار الحجر -وقد زال سببه- معنىً.

٤٠٥١ - والسَّفيه إذا ظهر صلاحه في الدِّين، وإصلاحه المالَ (٣)، فلا ينطلق الحجر عنه إلا بطلاق القاضي، كما سنذكرُه في كتاب الحجر، إن شاء الله تعالى. والسبب فيه أن الحجر نظرٌ للسَّفيه، والحق فيه له، ونظر السلطان قائم، والأمر موقوف إلى إظهاره انطلاقَ الحجر عنه. وسيأتي هذا في كتاب الحجر، إن شاء الله تعالى.

٤٠٥٢ - وأمّا المجنون إذا أفاق، فلا شك في ارتفاع الحجر عنه؛ فإن الجنون وارتفاعَه لا يتعلقان بالنظر والاجتهاد، وسنستقصي القول فيمن عدا المفلسَ من المحجورين في كتاب الحجر، إن شاء الله تعالى.

ومن تمام القول في ذلك أن الغرماء لو قالوا: رفعنا الحجر عنك، والحق لا يعدونا، ففي ارتفاع الحجر من غير رفع الأمر إلى القاضي ترددٌ للأصحاب، يدل عليه تلويحاتُهم، ومرامزُهم، فيجوزُ أن يقال: يرتفع الحجر لما ذكرناه من أن الحجر كان بسببهم، وهم مطلقون لا تولي عليهم، وهم في الأموال تحت الحجر كالمرتهن في العين المرهونة (٤).

ويجوز أن يقال: لا بد من الرفع إلى القاضي، فقد يظهر غريم غيرهم، والأمر فيه مربوط بنظر الوالي؛ فإنه النائب عن كل غائب.


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) في الأصل: يفك.
(٣) (ت ٢): للمال.
(٤) أي الأمر إلى المرتهن في الإذن ببيعها والتصرف فيها، وردّها إلى الراهن.