للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال لمن عليه الدين: أشهد على ديني، فالذي قطع به الأصحابُ أنه لا يلزمه ذلك، وهو الذي اختاره صاحبُ التقريب أيضاً. وحكى وجهاًً غريباً أنه يلزمه إجابته إلى الإشهاد. وهذا لا أصل له، فلا أعده من المذهب.

فرع:

٤٠٥٩ - إذا أراد الإنسان أن يدّعي ديناً مؤجلاً على إنسان ففي قبول دعواه قبل حلول الأجل وجهان: أحدهما - أنه لا يقبل؛ فإنه لا يملك المطالبة به، فكيف يملك الاستعداءَ والرفعَ إلى مجلس القضاء. ومن أصحابنا من قال: تُقبل الدعوى؛ فإنه يبغي به التسبب إلى إثباتِ ملكٍ له، فليملك ذلك، وإن كان لا يتوصل إليه في الحال.

فإن قلنا: الدّعوى بالدين المؤجل مقبولة، فلا كلام، وإن قلنا: إنها غيرُ مقبولة، فعلى من يدعي الدين الحال أن يصرح بذكر الحلول، أو يقول: لي عليك ألف يلزمك تسليمه إليّ. فإن قال ذلك، وكان الدّين مؤجَّلاً، فللمدعى عليه أن يقول: لا يلزمني تسليم ما ادّعيتَه.

٤٠٦٠ - وكشف القول يستدعي مزيد بَيانٍ مأخوذٍ من الاختلاف في مسألة، وهي أن الرجل إذا أقرّ بألفٍ مؤجل، فهل يقبل قوله في الأجل أم يؤاخذ بالألف حالاًّ، والقول قول المقر له في نفي الأجل مع يمينه؟ فيه قولان سيأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى، في كتاب الأقارير.

فإن قلنا: لا يقبل قوله في الأجل لو أقر بالدين المؤجل، فيكتفَى منه -والحالة هذه- أن يقول: لا يلزمني التسليم، ويحلف عليه.

وإن قلنا: لا يؤاخذ بالألف حالاًّ لو اعترف به مؤجلاً، فوراء ذلك نظرٌ، يجب التثبت فيه. وهو أنا إذا فرعنا على أنه لا يؤاخذ بالألف حالاً؛ فلو قال المقر له: حلفوني أحلف على نفي الأجل، قلنا: لا يكتفى منك بهذا؛ فإنا نفرع على أنه غير مؤاخذ بالألف، وما ذكرته موجب المؤاخذة؛ فإنه على قول المؤاخذة كان لا يعجز عن تحليفك، فكأنا نقول: لا يلزمه إلا ما اعترف به، والمعترَف به دين مؤجل.

فإذا ثبت هذا، عدنا إلى غرضنا قائلين.