القبول يقدّم عليه. إن الإبراء إذا استعمل لفظه، نفذ، ولا حاجة إلى قبول المبرأ عنه، على الأصح.
وفي المسألة وجه بعيد أنه لا بدّ من القبول.
فإن فرعنا على الأصحّ وهو أنه لا حاجة إلى القبول إذا استعمل لفظ الإبراء، فهل يشترط القبول إذا كان المستعمل لفظ الصلح؟ فعلى وجهين. وهذا يناظر ما لو قال مستحق الدين لمن عليه دين: وهبت مالي من الدين منك، فهذا إذا نفذ، معناهُ الإبراء. وفي اشتراط لفظ القبول وجهان: أحدهما - لا يشترط كلفظ الإبراء٠
والثاني - يشترط؛ لأن اللفظ معناه التمليك، فيستدعي في وضعه القبول.
٤١٠٩ - وإذا كان المدعَى المعترف به عيناً، وفرضنا صلح الحطيطة فيه، بأن يقول المدّعي: صالحتك من ثوبي هذا على نصفه، فإذا صححنا ذلك على معنى الهبة، فلا شك في اشتراط القبول؛ فإن الهبة في معناها تفتقر إلى القبول، بخلاف الإبراء. وهذا واضح.
٤١١٠ - ولو كان الصلح عن دين وهو ألف مثلاً، فأحضر المدعى عليه خمسمائة، فقال المدعي: صالحتك من الألف على هذه الخمسمائة. والتفريع على أنه لو قال: صالحتك عن الألف على خمسمائة من غير تعيين، كان إبراءً عن الخمسمائة، فعلى هذا إذا أشار إلى الخمسمائة المعينة، وقال: صالحتك من الألف الذي لي عليك على هذه الخمسمائة، فالأصح أن هذه المعاملة فاسدة؛ والألفُ باقٍ؛ فإن اللفظ الذي جاء به مع التعيين صريح في عرض المعاوضة، وبيعُ الألف بخمسمائة باطل.
وقيل: يجوز. والمقصود الإبراء عن خمسمائة، ثم تيك الخمسمائة المعينة لا تتعين عند هذا الإنسان إلا باتفاق تسليمها إليه؛ إذ لو تعينت، لكان عوضاً.
ولا خلاف أنه لو قال: بعتك الألفَ الذي لي عليك بهذه الخمسمائة، فالبيع باطل، والألف باقٍ بكماله.
وكل ما ذكرناه فيه في الصلح الواقع من المدير والمدعى عليه، مع الإقرار.