فإن قيل: كيف صححتم المعاملة مع الجهل؟ قلنا: إذا انحسم البيان، وتعذر وقف المال إلى غير نهايةٍ، فالشرع يحتمل الجهالةَ في مثل هذه الصورة، ولا وجه إلا احتمالها.
٤١٢٧ - ولو صالحت إحداهما الأخرى على عينٍ أخرى سوى الموقوف بينهما، فقد قال الأصحابُ هذا باطل، مع الاعتراف بالإشكال، فإنه استبدال مالٍ هو ملك من يبذل، في مقابلة ما لا يعلم كونه ملكاً له. وليس كما لو اقتسما ذلك الموقوف؛ فإن كل واحدة تقول: إن كنت أنا الزوج، فالحاصل في يدي ملكٌ لي، والباقي أيضاًً ملكٌ لي، وإن لم أكن زوجة، فالحاصل في يدي موهوب مني من صاحبتي، وهذا لا يمكن اعتقاده، وقد بُذل عوضٌ آخر سوى الموقوف.
٤١٢٨ - ومما أَلزَموه ما إذا أسلم الرجل عن أكثر من أربع نسوة: فكنَّ خمساً، أو ستاً، ومات الزوج قبل البيان. فإنا نقف بينهن ميراثَ زوجة. ثم الكلام في الاصطلاح على حسب ما ذكرنا إلزاماً وجواباً.
٤١٢٩ - ولو ادعى رجلان داراً في يد إنسان، كل واحد يدعي تمامها لنفسه، فقال المدعى عليه: الدار لأحدكما، ولم يبيّن، ومات، وعسر تلقي البيان منه، فلو اصطلحا، واقتسما الدار، صح. وهذا فيه فضلُ نظر؛ فإنهما ما بنيا الأمرَ على الاعتراف بالإشكالِ، بل كل واحد ادعى الانفراد بالملك في جميع الدار، فكان هذا نظيراً لما إذا ادّعت المرأتان -وقد وقعت طلقةٌ مبهمةٌ بينهما - العلمَ بحقيقة الحال، فكانت كل واحدة تدعي: إني معينةٌ للزوجية. وقد ذكرنا أن الصلح في هذه الصورة، صلحُ حطيطة على الإنكار، فالقول في المدعيين يحل هذا المحل.