للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للمنكر حقُّ الشفعة، كأن كان أحدهما اشترى نصيبه، والثاني ورثه من جهةٍ أخرى، أو اتّهبه. والسَّبب فيه أن السبب إذا اختلف، فليس في إنكار المنكر في نصيبه تكذيبُ المدعي في نصيب صاحبه، وإن كان ثبت حقهما ظاهراً من جهة واحدة لا تنقسم كالإرث مثلاً، فإذا ادّعى عليهما، فأقر أحدهما، وأنكر الثاني، ففي [ضمن] (١) إنكار المنكِر تكذيبُ المدّعي في جميع دعواه، فإذا جرى الصلحُ، وحكمنا بصحته بين المدّعي والمقر، فالمذهب الظاهرُ أنه لا يثبت حق الشفعة للمنكر، وأبعد بعض أصحابنا فأثبت له الشفعة، وهذا بعيد، لا أصل له؛ فإن الإنسان مؤاخذ بحكم قوله في حق نفسه.

٤٢٢٦ - وممَّا ذكره المزني أن من ادعى داراً في يد إنسانٍ، فأقر المدعى عليه بها، ثم صالحه على أن يبني (٢) على سطحها، [جاز] (٣)، وهذا كلام عري عن التحصيل، وحاصله أنه أقر بالدار، ثم طلب منه أن يُعير منه سقفها ليبني عليه، وليس هذا مما يورد في المختصرات.

٤٢٢٧ - وممَّا ذكره المزني نقلاً عن كتاب أدب القاضي (٤) أن الشافعي قال: "لو كان البيت علوُّه لواحد، وسفلُه لآخر، فأرادا أن يقتسماه على أن يصير العلوّ لصاحب السُّفل، والسفل لصاحب العلو، قال الشافعي: لا يجوز ذلك". وإنما نقل هذا تأكيداً لمذهبه في أن حق البناء لا يجوز بيعه، وهذا كلام مضطرب؛ فإنه يجوز بيع العلو بالسفل، وإنما أورد الشافعي هذا في سياق ما لا يجبر عليه من أنواع القَسْم، وعد منها ما نقله، ولم يُرد منعَ التبادل إذا صدر عن تراضٍ منهما، ثم أنَّى هذا من مراد المزني في


(١) في الأصل: ضمان.
(٢) أي المدعى عليه المقر، كما هو صريح لفظ النووي: الروضة: ٤/ ٢٢١.
(٣) سقطت من الأصل، وزدناها، حيث لا يتم الكلام بدونها. وهذا لفظ النووي في المرجع السابق نفسه. والمزني يمنع ذلك، بناءً على أصله في منع بيع حق البناء على السطح.
(مختصر المزني: ٢/ ٢٢٥).
(٤) ر. مختصر المزني: ٢/ ٢٢٦. ونص عبارته: "هذا عندي غيرُ منعه في كتاب أدب القاضي أن يقتسما داراً على أن يكون لأحدهما السفل، وللآخر العلو، حتى يكون السفل والعلو لواحدٍ".