للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقبوضَ حقُّ المأمور وملكه، ولا حق له عليه. والمأمور يزعم أن المقبوضَ ملكُ الآمر، وحقُّه باقٍ في ذمته. وقد ذكرنا أن القول قولُ المأمور في بقاء حقِّه في ذمة الآمر. فإن عسر عليه استيفاءُ حقه، فالوجه أن يتملك [المقبوضَ] (١)؛ لأنه جنس حقه. وإن تيسر استيفاء حقِّه منه، فقد اختلف أصحابنا في المسألة: فمنهم من قال: يطالِبُ الآمرَ بحقه، وما قبضه موقوفٌ، ومنهم من قال: ما قبضَه يكتفي به، ولا يطالِبُ.

والخلاف مخصوص به إذا لم يكن قبض، فإذا كان قبض، فاعترافُ الآمر بأنه [حقُّه] (٢) كافٍ نازلٌ منزلة تمليكه إيَّاه الآن.

ولا خلافَ أن الآمرَ لو قال للمأمور: لمْ تصدقني وزعمتَ أن ما قبضتَه حقي، فقد وَفَّيْتُكَ إياه، فيجتمع [لك] (٣) من قولي الأخير، وقولي الأول الملكُ في المقبوض، فقد تمس الحاجة إلى تصوير القبض كما قدمناه في كتاب البيع والرهن في إقباض الإنسان شيئاً لحقه، وهو في يده.

فهذا كله فيه إذا قبض، والعين قائمةٌ في يده.

٤٢٦٤ - فأمّا إذا قبض، وتلف، فهل يكون التالف مضموناًً عليه؟ فعلى وجهين، ذكرهما الإمام (٤) وصاحب التقريب: أحدهما - أنه يكون مضموناً على المأمور.

والثاني - لا يكون مضموناًً عليه.

توجيه الوجهين:

من قال: إنه لا يضمنه، قال: لأنا جعلنا القول قولَهُ في نفي الحوالة، فإذا انتفت الحوالة، ثبتت الوكالة، والمالك ليس يدعي إلا جهةَ الحوالة، فإذا انتفت، لم يبق على زعمه ما يقتضي الضّمان.


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: حقك. والمثبت تقدير منا.
(٣) في الأصل: ذلك. والمثبت تقدير منا.
(٤) الإمام: يريد به شيخه، أي والده. كما حققنا ذلك من قبل.