للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفريع:

٤٢٦٧ - إن قلنا: القول قولُ المأمور في ثبوت الحوالة، فلا كلام. وإن قلنا: القولُ قول الآمر في نفي الحوالة، فإذا نفاها، فقد اختلف أصحابنا فيما رتبه صاحب التقريب: فمنهم من قال: إذا نفى الحوالةَ، انقطعت علائقها بالكلية. وهذا هو القياس على هذا القول. والوجه الثاني - أنه يكون بمثابة حوالة فاسدةٍ، فلا يُرفع حكم الحوالة من كل وجه؛ للفظ الحوالة. وهذا كما يثبتُ الضّمان في البيع الفاسدِ، ويثبت في الكتابة الفاسدة بعضُ أحكام الكتابة الصحيحة.

فإن قلنا: إن سبيله سبيلُ الحوالة الفاسدة، فإذا كان المحال عليه سلَّم المال إلى المحتال، فهل يبرأ بالتسليم إليه [ممّا عليه؟] (١) فعلى وجهين ذكرهما: أحدهما - أنه يبرأ بالدفع إليه، والآمر يُطالب المحتالَ. والثاني - لا يبرأ بالدفع إلى المحتال؛ فإنه لم يكن سبيلُه سبيلَ الوكالة المحضة، ولم تصح الحوالةُ أيضاًً؛ فعلى هذا يطالِبُ الآمرُ المحَالَ عليه بحقه، ثم المحالُ عليه يسترد من المحتال ما سلمه إليه.

وهذا عندي بُعدٌ بحقه. والوجه أن نقول: إذا نفينا الحوالةَ ثبتت قضية الوَكالةِ؛ فإن الأمر بقبض المال من المحال عليه متفق عليه، والنزاع في وجهه. وقد ذكر المتداعيان وجهين، فإذا انتفت الحوالة، وصدقنا الآمر، فالوَجْه ثبوتُ الوَكالةِ، وعلى هذا يبرأ المحالُ عليه بما دفعه إلى المأمور.

وما ذكرناه صورةٌ واحدةٌ في الاختلافِ، مع جريان لفظ الحَوالة.

٤٢٦٨ - فلو كان النزاع على العكس، فقال الآمر: أردتُ لفظَ الحوالة، وقال المأمور: ما قبلتُ الحوالة، وإنما قبلت الوَكالة، قال الأصحاب: قياسُ المزني أن القول قولُ المأمور، فإنّ الأصل بقاءُ طَلِبته على الآمر. وعلى قياس ابن سريج القول [قولُ] (٢) من يُثبت الحوالةَ كما ذكرناه، تمسكاً باللفظ. فإن قيل: قَصْدُ الآمر فيما زعم مُطابقٌ للفظه الصريح، فهلَاّ قطعتم بتصديقه؟ قلنا: الأمرُ كذلك. ولا تتم الحوالة إلا بقبول المحتال، وقد زعم أنه نوى قبولَ الوكالة، فعاد التردُّدُ في أن الاعتبارَ بالقصد، أوْ بظاهر اللفظ.


(١) ما بين المعقفين غير مقروء في الأصل.
(٢) زيادة من المحقق.