هذا لا يجوز إلا مع الضمير، حينما تتحدث عن علي وإبراهيم مثلاً، ثم تقول:" والفرق بين علي وبينه " فحينئذ فقط يجوز تكرار لفظ (بين). هذا هو المشهور الذي نعرفه، وعليه شواهد من الشعر والنثر، لا نطيل بإيرادها.
ولكني توقفت أيضاً، وبحثت حتى أعياني البحث، وأنا موقن أن للأمر -لا شك- وجهاً في اللغة، فمحال أن تجتمع عدة نسخ في عدة مواضع على هذا التعبير، ويكون خطاً، وظللت أسائل من أتوقع عنده العلم من أهل اللغة، حتى أفادني بعضهم ممن له إلف بالأساليب القديمة بأن ذلك وارد في كثير من النصوص، وجائز، ثم دلني على موضعه من كتب اللغة، فنبهتُ في الهامش على صواب عبارة المخطوط، حتى لا ينسبنا أحد، إلى الذهول عن هذا الخطأ، وحتى أفيد من يطلع على المخطوط بعد ذلك، علماً جديداً بصحة هذا التعبير، وبالطبع أسندت ذلك إلى المرجع. أما أخونا عالم اللغة الذي ساعدنا، فسيكون ذكره في مقدمة الكتاب مع قائمة العلماء والخبراء والباحثين الذين أفادونا بعلمهم، وساعدونا بجهودهم.
ولإمام الحرمين عدة خصائص أسلوبية أضنانا بالبحث عن تخريجها، والتأكد من صوابها، سيكون بيانها في الجزء الخاص بالفهارس -إن شاء الله تعالى- فنكتفي منه بهذين المثالين.
- قارن هذا العناء بمثال آخر: قال صاحب المخطوط: " ... فإن (قَدِموا) على هذا الفعل، وجب عليهم كذا ... الخ ".
فغيرها المحقق، فصارت فإن أقدموا .. ثم في الهامش علق قائلاً:، " الأصل: قدموا، والصواب أقدموا كما هو معروف " اهـ بنصه.
فهنا استسلم المحقق لمألوفه ومحصوله اللغوي، وخطَّأ المخطوط، وغير لغة مؤلفه، وتحكم فيها بلغته هو، وقصَره وحصره على ما يعرفه هو من اللغة.
والواقع أن قَدِم بمعنى أقبل، منصوصة في أقرب المعاجم إليه لو أراد التثبت والتحقق، جاء في المعجم الوسيط: قدِم على الأمر يقدَم قدوما: أقبل عليه، ولكنها العجلة، التي ستجعلنا نتكلم لغة جديدة، وننطق أئمتنا بلغة غير التي كانوا يتكلمون بها.