للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن مراجعة السيّد وورثته، لا نتعلق بقول القائف. فإن لم نجد القائف، أو غلط، وعسر التعلق بقوله، فالرجوع إلى القرعة. وفائدتها الحكمُ بالعتق لا بالنسب، كما تقدم، ثم إذا تعيَّن أحدُ الولدين المعتق، فهل تحصل أميّة الولد بخروج القرعة على الولد؟ المذهب الصحيح أنه لا تحصل؛ فإن أميّة الولد تبع النسب، وقد ذكرنا إن النسب لا يثبت بالقرعة. فإذا لم يثبت، لم يثبت الاستيلادُ. ومن أصحابنا من حكم للأم التي تخرج القرعة على ولدها بأمية الولد، وتعلق بأن معنى الحكم بالاستيلاد تحصيلُ الحرمة للأم، وذلك حكمٌ بالعتاقة، ولا يمتنع حصول العتاقة تعييناً بالقرعة.

والمسألة مفروضة فيه إذا جرى الإقرار المبهم من السيد، بحيث يقتضي الاستيلاد، ثم من لم يحصّل الاستيلاد لأم الذي تعيّن للحريّة؛ فإنه يقول: بين الجاريتين كما بين الولدين عتقٌ. [ولكن لا قائل] (١) بتفرد الجاريتين بالقرعة. وإن كان يعسرُ إتباع أمرهما الولدين، فإنا لسنا ننكر حصول الحرية على التعيين بطريق القرعة.

٤٤٨٤ - ومما يتم به الفصل أن الإقرار إذا جرى على وجهٍ يقتضي ثبوتَ النسب

للولد، ولا يقتضي أميّة الولد، ثم يثبت النسب، ويعيّن لأحدهما، فتثبت الحريّة له، إما مع ولاءٍ أو من غير ولاءٍ، ويستحق الإرثَ إذا جرى التعيين من المُبهِم، أو من الورثة.

ثم إذا حكمنا بانتفاء الاستيلاد، فالذي يرث يملك بالإرث قسطاً من [أمه] (٢)، فيعتق


(١) ما بين المعقفين زيادة لمحاولة إقامة العبارة، التي لا تزال قلقة، وإن كانت المسألة مفهومة على الجملة، ونزيدها وضوحاً بذكر خلاصتها في الشرح الكبير للرافعي، جاء فيه: " ... فإن عجزنا عن الاستفادة من القائف، أقرعنا بينهما لنعرف الحرَّ منهما، ولا يُحكم لمن خرجت قرعته بالنسب والميراث، لأن القرعة على خلاف القياس؛ وإنما ورد الخبر بها في العتق، فلا تعمل في النسب والميراث، وهل تحصل أمِّة الولد في أم ذلك الذي خرج بالقرعة؟ حكى إمام الحرمين فيه وجهين. وقال: المذهب أنها لا تحصل؛ لأنها تتبع النسب؛ فإذا لم نجعله ولداً [أي لم نثبت نسبه]، لم نجعلها أم ولد، والذي أورده الاكثرون أنها تحصل؛ لأن المقصود العتق، والقرعة عاملة فيه، فكما تفيد حريته، تفيد حرّيتها. ولا يقرع بينهما مرة أخرى؛ إذ لا يؤمن خروج القرعة على غير التي خرج لولدها" ا. هـ ملخصاً: الشرح الكبير (فتح العزيز: ١/ ١٩٣ بهامش المجموع).
وهذا الذي ذكره الرافعي هو خلاصة كلام إمام الحرمين الذي أمامنا.
(٢) في الأصل: "من أَمةٍ" بهذا الرسم والنقط والضبط.