الإقامة، فإنه يقضيها للمخلفات. فأمّا الأيام التي مضت من وقت انتقاض عزمه، واتجاهه راجعاً إلى بلدته، فهل يقضيها؟ فعلى وجهين، سيأتي ذكرهما. ووجه التنبيه لائح.
٤٥٠٢ - وممّا نلحقه بهذه المسائل الكلامُ في كيفية ضمان العواري، وللشافعي قولان فيه: أحدهما - أن العارية مضمونة ضمان الغصوب. والقول الثاني - أنها لا تضمن ضمانَها.
فإن قلنا: إنها تضمن ضمانَ الغصوب، فيجب فيها إذا فاتت أقصى القيم، من يوم القبض إلى يوم التلف. وحقيقة الضمان يحال على كتاب الغصب، وهو بين أيدينا.
وإن قلنا بالقول الثاني، فقد ذكر القاضي وغيره طريقين في معناه. فمن أصحابنا من قال: الاعتبار في قيمة العاريّة بقيمة يوم التلف. ومنهم من قال: الاعتبار بقيمة يوم القبض. والصحيح في العارية إذا قلنا: إنها لا تضمن ضمان الغصوب، أنها تضمن بقيمة يوم التلف، فإنا لو ضمناه يوم القبض، لضمّناه الأجزاءَ، وقد ذكرنا أنها ليست مضمونةً على الأصح.
ثم المنافع لا تضمن من المستعار بلا خلاف، وإن قلنا: إن العارية تضمن ضمان الغصوب (١)، وهذا أصدق شاهد على أن الأجزاء لا تضمن، فإن المنافع لم يضمنها المستعير، من جهة أنَّه استوفاها بإذن مالك العين، والأجزاء بهذه المثابة.
والمأخوذ بالسوْم مضمونٌ، وفي ضمانه قولان في الأصل: أحدهما - أنه يضمن ضمانَ الغصوب. والثاني - أنه لا يضمن ضمان الغصوب. ثم الأصح فيه إذا لم يثبت ضمانُ الغصوب، أنه يضمن بقيمة يوم القبض. ومن أصحابنا من اعتبر يوم التلف.
وليس في المأخوذ بالسوم ما ذكرنا في العارية من استحالة اعتبار يوم القبض، لمكان الأجزاء، كما قررناه.
وإذا ولدت العارية في يد المستعير، فإن قلنا: إنه يضمن ضمانَ الغصوب، فولدها مضمونٌ، كولد المغصوبة. وإن قلنا: إنها لا تضمن ضمان الغصوب، فحكم الولد حكم ما لو ألقت الريحُ ثوباً في دار إنسانٍ. ثم سبيل المذهب فيه أنه إذا طالبه صاحبه
(١) جواب الشرط مفهوم من الكلام قبله: "المنافع لا تضمن من المستعار".