قال القاضي: يرد على الحد الذي ذكره القفال القماقم الموزونة والملاعق والمغارِف؛ فإنها موزونة ويجوز السلم فيها، ولا يمتنع بيع بعضها بالبعض، وليست من ذوات الأمثال. والسبب فيها أنها مختلفة الأجزاء، ويندر اتفاق اثنين منها في الصفات.
والفقه المرعي عندنا في حدّ ذوات الأمثال أن تكون متساويةَ الأجزاء في المنفعة والقيمة، فهذا حقيقة التماثل. وإلى هذا مال العراقيون، ولم يتعرضوا للسلم، وقضَوْا بأن الرطب، والعنب، من ذوات الأمثال. وكذلك الدقيق وما في معناها.
فهذا مأخذ التماثل. ثم ما كان كذلك يحصره الكيل والوزن، ويصح السَّلم فيه؛ فإنه يكون مضبوطَ الوصف. وأمَّا إخراج الرطب والعنب عن المكيلات، فلا معنى له؛ فإنه إنما امتنع بيعُ بعضه بالبعضِ تعبّداً من الشارع، يشير إلى تفاوتٍ عند كمال الادخار. وما لهذا وما نحن فيه من التماثل ومقابلة الشيء بما يماثله في الصفات.
وذكر شيخي وجهاً أن المقدَّرات متماثلةٌ، وهي الموزونات والمكيلات. وهذا بعيد، ولكن للشافعي نصٌّ -قبل فصل صبغ الثوب- يدل على هذا.
٤٥٤٧ - هذا قولنا فيما هو من ذوات الأمثال، ونقول بعده:
إذا أعوز المثل، فالرجوع إلى القيمة، والقول في ذلك ينبسط، ولنقلة المذهب فيه خبط خارج عن ضبط معظم علمائنا، وقد جمعت طرقَ الأصحاب على بحث وتثبت، ونحن نذكر الطرق: طريقة، طريقة، ثم نذكر مأخذ كل فريق، وما حملهم، على تشبث الرأي وافتراق المذاهب، ثم نذكر ما يخرج من جميع الطرق.
٤٥٤٨ - ونبدأ بطريقة الشيخ أبي علي، فهو أحسن الأصحاب سياقةً لغرض هذا الفصل: فإذا غصب الرجل شيئاً من ذوات الأمثال، وأقام في يده ما أقام، ثم تلف والمثْلُ موجود، وتمادى الزمن، ثم أعوز المثل، وكان الرجوع إلى القيمة. فالقيمة بأية حالةٍ تعتبر؟