للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جريان الملك للغاصب في المغصوب يُلزمه الضمان، فهذا تضمين بتمليك سابق

وما قاله أبو حنيفة تمليك بتضمين.

٤٦٥٠ - ثم قال الشافعي: "وإن خلطه بشَيْرَج (١)، أو صبه في بانٍ (٢) ... إلى آخره".

قال أصحابنا: ما قدمناه من فصول الخلط فيه إذا خلط الشيء بجنسه، فأما إذا خلطه بما لايجانسه، مثل أن يخلط زيتاً ببانٍ أو بجنسٍ آخر من الأدهانِ، فالمغصوب يلتحق بالمنعدم المفقود. هذا ما أطلقه الأصحابُ.

[وخرّج] (٣) القاضي فيه قولاً أن المغصوب (٤) واجدٌ لعين ماله. وألحق ذلك بالخلط بالأرْدأ والأجود، مع اتحاد الجنس. وهذا تخريج منقدح لما نبهت عليه من وجوه الإمكان (٥).

ومن عجيب الأمر أن الأصحاب ألحقوا ما لو غصب زيتاً ولتَّه بالسويق بخلط الزيتِ بالبان، وقطعوا بأن الغاصب لا تعلق له بعين مال.

وهذا عندي على نهاية الفساد؛ فإن الزيت لا يخالط السويق مخالطة المائع المائعَ، بل هو مع السويق كالصبغ مع الثوب قطعاً، وقد مضى القول في الصبغ.

وغاية الأمر أن يجعل الزيت مع السويق كالصبغ المعقود بالثوب.

وممّا أجراه الشافعي من صور الخلط أنه لو غصب دقيقاً وخلطه بدقيقٍ. فإن قلنا: الدقيق يقبل القسمة، فهو كخلط الزيت بالزيت. وإن قلنا: إنه لا يقبل القسمة، فالوجه إن جعلنا المغصوب منه واجداً لعين ماله بيعُ الدقيق، وقسمةُ الثمن على أقدار القيمة.


(١) في الأصل: بشيء منه، و (ت ٢)، (ي): بشرٍّ منه .. والمثبت اختيار منا، على ضوء السياق، أكد صحته أن عبارة الأم: " ... وإن كان صب زيته في بانٍ، أو شيرق، أو دهن طيب، أو سمن، أو عسل، ضمن ... " ٣/ ٢٢٦. وأما قوله في الأم قبيل ذلك: "فإن كان صب ذلك المكيال في زيت شر من زيته، ضمن الغاصب ... إلخ"، فهذا هو الخلط بالأردأ، وقد تقدم، فلا محل لتكرار المؤلف له هنا. فرجح ما اخترناه. والله أعلم.
(٢) المراد دهن البان. وهو يتخذ من الشجر المعروف بهذا الاسم (مصباح).
(٣) في الأصل: إذْ صرح القاضي.
(٤) في (ت ٢)، (ي): الغاصب.
(٥) (ت ٢): الإشكال ومثلها (ي).