للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن بالغ في الكسر ينبغي أن يتوقف في الصليب؛ فإن الصليب خشبة معرَّضة على خشبة، فإذا رفعت إحداهما عن الأخرى، فلا معنى للازدياد على هذا. وقد سقطت هيئة الصليب بالكلية، والعلم عند الله.

فصل

" فإن أراق له خمراً ... إلى آخره" (١).

٤٦٨٠ - تفصيل القول في إراقة الخمر على المسلمين بيّن، وغرض الفصل تفصيل القول في إراقة خمور أهل الذمة.

اتفق الأئمة على أنه لا يجوز أن يُتَّبعوا في مساكنهم، وتراق عليهم خمورهم. وإن كنا نعلم أنهم يتخذونها. وإذا ظهر لنا هذا من المسلم، اتّبعناه، وأرقنا عليه؛ وذلك أنا عقدنا الذمة على تقريرهم على مُوجب عقدهم (٢)، بمعنى المتاركة والإضراب، وليس اقتناؤهم للخمور بأكثر من استمرارهم على الكفر. ولا نشك أنهم إذا استخلوا بأنفسهم، أظهروا تكذيب نبينا؛ فإذا سوّغ الشرع تقريرهم على كفرهم، لم يبعد أن يسوغ تقريرهم على خمرهم. ثم هم ممنوعون من إظهار الخمور والتظاهر بشربها، بحيث يُطَّلع عليهم، وكذلك يُمنعون من إظهار المعازف، وإظهارُهم إياها استعمالُها، بحيث يسمعها من ليس في دورهم.

ثم إذا أريقت عليهم الخمورُ التي اقتنَوْها، فلا ضمان على مريقها، وإن كان ممنوعاً من اتباعهم، خلافاًً لأبي حنيفة (٣).

وأجرى الأصحابُ في أثناء المسألة مسألة مذهبية في الحد؛ فإنهم ألزمونا (٤) سقوط الحد عن الذمي إذا شرب وارتفع إلينا راضياً بحكمنا، والذي قطع به المعتبرون


(١) ر. المختصر: ٣/ ٤٦.
(٢) أي: عقيدتهم.
(٣) ر. رؤوس المسائل: ٣٤٨ مسألة ٢٢٨، ومختصر الطحاوي: ١١٩.
(٤) (ت ٢): ألزموا.