للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدار تساوي مائةً، ولو قسمت، لكانت كل حصةٍ -وقد قسمت [نصفين] (١) - تساوي ثلاثين، فهذا عند هذا القائل مما لا ينقسم، لما في القسمة من البخس العظيم، والحطيطة البيّنة. وهذا الوجه ذكره العراقيون وزيفوه.

والوجه الآخر - أنه لا نظر إلى القيمة، ولا إلى الجنس الذي كان من المنفعة، ولكن إذا كان يبقى لكل حصّةٍ نوع من الانتفاع، فهو قابل للقسمة، فالحمام على هذا منقسم، إذ يمكن [فرض] (٢) الانتفاع بكل حصة منه (٣) سكوناً (٤). وإذا كان يسقط أصل الانتفاع، أو عسر تصوير القسمة عِياناً كما في أسراب (٥) القَنَى وآبارها. هذا هو الذي لا ينقسم.

والوجهان مردودان، لا اعتداد بهما، ولا عَوْدَ إليهما، والتفريع على المسلك المشهور.

٤٦٩٧ - وها نحن نذكر صورة تمس الحاجة إليها في حكم الشفعة، وهي أنه إذا كان بين رجلين حجرة مشتركة ضيقة الخِطة (٦) وكان تسعة أعشارها لأحدهما والعشر للآخر، ولو قدر إفراز العشر، لم يكن مسكناً، فصاحب العشر لا ينتفع بالقسمة الانتفاعَ


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) زيادة من (ت ٢)، (ي).
(٣) المراد بالحمام هنا الحمام العام الذي يغشاه الناس كافة، كلّ من يريد منهم. وهو يقصد للتنظف والتطبيب، وليس ما يتبادر إلى الذهن الآن، من الحمامات داخل البيوت، بل يشبه مراكز علاج السمنة والبدانة الموجودة الآن بواسطة حمامات البخار، والتدريبات الرياضية، حتى يتصور أن يُتخذَ منه مسكنين.
(٤) سكوناً: أي سكناً من وضع المصدر مكان الاسم، وقد صرح بهذا المعنى الرافعي، ولفظه: "أما إذا اعتبرنا بقاء منفعةٍ ما، كفى أن يصلح كل سهم من الحمام بعد القسمة للسكنى" فتح العزيز: ١١/ ٣٨٦ بهامش المجموع. وكذلك صرح بهذا المعنى الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج، قال: "ظاهره أنه لو انتفع به من غير ذلك الوجه، كأن أمكن جعل الحمام دارين ... " حواشي التحفة: ٦/ ٥٧ سطر ٣. أما حجة الإسلام الغزالي، فقد أخذ لفظ شيخه إمام الحرمين، فقال: "وقيل المعنى أن يبقى فيه (أي الحمام) منفعة، ولو للسكون" الوسيط: ٤/ ٧٠.
(٥) السَّرب -بفتحتين- بيتٌ في الأرض، لا منفذ له: فإن كان له منفذ، فهو النفق (مصباح) فالمراد هنا الخزانات التي تتجمع فيها مياه الصرف تحت الأرض لحين التخلص منها.
(٦) الخِطة بالكسر: المكان المختط لعمارة، والجمع خِطط، مثل: سدرة وسِدر. والخطة بالضم: الحالة والخِصلة. والجمع: خُطط (معجم، ومصباح).