فأمّا إذا نفذ القضاء بثبوت حق الشفعة، وقلنا: إنه يتضمن الملك، أو (١) حكمنا بأنّ الإشهاد يتضمنه، فلو أخر الشفيع تأديةَ الثمن، مقصراً من غير عجز، فهل نحكم ببطلان ملكه بعد جريانه أم لا؟ اختلف أصحابنا في المسألة، فمنهم من قال: يبطل ملكه؛ فإنا لو لم نبطله، لوقع بالمشتري الضّرار الذي بنينا الفصل على محاذرته، وهو أن يملك عليه ما ملك قبل استمكانه من الثمن.
والوجه الثاني - أنه لا يبطل ملك الشفيع، ما لم يرفع الأمر إلى القاضي، ثم إذا رفع إليه، طالب الشفيعَ؛ فإن أبى، أبطل عليه حقه، وهذا هو الذي اختاره القاضي؛ فإن الامتناع عن التأدية أمر مظنونٌ، لا يتبين إلا بالرفع إلى مجلس القضاء.
وهذا يلتفت من صور الوفاق على اشتراط تعلق إثبات العُنة بمجلس الحكم، ومن صور الخلاف على القول بالإعسار بالنفقة.
٤٧٢٥ - فخرج من مجموع ما ذكرناه أن حق الشفيع إذا ثبت من غير تأدية الثمن، ولا رضا المشتري، فهو عرضةُ البطلان بلا خلافٍ، وإنما التردد في أنه يبطل من غير قضاء، أو يتوقف على القضاء.
وهذا أوان التنبيه لطرفٍ من الحقيقة، فنقول:
قد تقدم في كتاب البيع أن البائع هل يملك حبس المبيع حتى يتوفر عليه الثمن؟ وفيه أقوال سبقت، والمشتري يملك حبسَ الشقص حتى يتوفر عليه الثمن بلا خلافٍ.
وإنما الخلاف في أثر منعه، فمن الأصحاب من يقول: أثر منعه امتناعُ الملك للشفيع. ومنهم من قال: لا يمتنع ملكُ الشفيع بمنعه، بل يجري بالقضاء أو الإشهاد، ولكن يثبت عُرضةً للبطلان إن مَطَل وسوّف. وهذا يناظر من البيع حكماً، وهو أنا إذا قلنا: على البائع البدايةُ بالتسليم، فلو سلم المبيعَ، ثم ظهر من المشتري الامتناعُ عن تسليم الثمن، فقد قال الشافعي:"أحجر على المشتري، وأنقض عليه الملك في المبيع". فإذا كان ثبت ذلك في البيع المملِّكٍ، فما الظن بملك