٤٨١٠ - فأما إذا جرى الحط في زمان الخيار، لم يخل: إما أن يُحط البعضُ أو يُحط الكل.
فإن حُط البعضُ، فأحسن ترتيب فيه أن نقول: ينبغي أن يُبنى هذا على الأقوال في أن الخيار هل يمنع نقل الملك؟ فإن قلنا: إنه لا يمنع نقل الملك، فكما يملك المشتري المبيعَ، فكذلك يملك البائع الثمن، فإذا جرى الإبراء من البائع، فهو مصافٌ ملكَه؛ فإن الثمن ملكُه، فيصح الإبراء لمصادفته ملكَ البائع. هكذا ذكره الأئمة.
وفي صحة الإبراء عندي احتمال خارج على تردد الأصحاب في إعتاق المشتري: هل ينفذ في العبد المشترَى في زمان الخيار على قولنا: إن الملك للمشتري؟ فإذا ترددوا في العتق [مع](١) سلطانه، لم يبعد التردد في الإبراء؛ فإن المبيع متعلَّق خيار البائع، فامتنع لذلك نفوذ تصرفات المشتري عند طوائفَ من الأصحاب. كذلك الثمن متعلق خيار المشتري، فلا يبعد أن يمتنع تصرفُ البائع فيه، سيّما إذا منعنا الإبراء عما لم يجب، وإن وجد سببُ وجُوبه.
فإن فرعنا على ما ذكره الأصحاب من نفوذ الإبراء، فلا شك أنه على معنى الوقف، حتى لو اختار المشتري الفسخ، وارتد المبيعُ، فلا أثر لما تقدم من الإبراء، إلا على قول ضعيفٍ في أن المرأة إذا أبرأت زوجها عن الصداق الواقع في ذمته، ثم إنه طلقها قبل المسيس، فالمذهب أنه لا يطالبها بنصف الصداق، وفيه قول غريب، وهو يخرّج على ما إذا وهبت عين الصداق من زوجها، ثم طلقها قبل المسيس. فإذا حكمنا بنفوذ الإبراء، فهل يلحق هذا الحطُّ المشتري على هذا القول الذي نفرع عليه؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يلحقه، بل لا يلحق العقد، وإنما هو تغيير بعد العقد، فشابه التغيير بعد اللزوم، ومعتمد المذهب في امتناع التحاق التغايير بالعقد أن العقد إذا عقد على صيغة، فلا حاصل للإلحاق بها، إلا أن ترفع تلك الصيغة، وتستفتحَ أخرى.