الغرر، ولسنا ننظر إلى غرض التجارة في ذلك، صائرين إلى أن البيع إذا كان من مليء، وفيٍّ، وحصل مع ذلك التوثّقُ برهنٍ، أو كفيلٍ، فهذا مما يعتاده التجار، من ضروب التجارة؛ فإن هذا تصرفٌ مستفادٌ بالإذن، فكان محمولاً على مطلق الإذن. وأمرُ الوكيل بالبيع والابتياع إذا جرى مطلقاً، نافى النسيئة، ونزل منزلة العقد لو فرض مطلقاًً، ولو كان البيعُ والشراء مطلقين، تضمَّنا حلولَ العوض.
وهذا فيه ضربٌ من التلفيق؛ فإن معتمدنا في بيع الوكيل العرفُ، ولأجل ذلك منعنا بيعَه بدون ثمن المثل، إذا كان موكلاً بالبيع مطلقاً، فكان لا يمتنع أن يتعلق متعلق بقرينة الحال في قصد التجارة: ويسوِّغُ من المقارض في استصلاح المال ما يجوز من أب الطفل، ولكنّ المانعَ منه أن الولاية تُثبت رتبةَ الاستقلال للولي، والشفقةُ المعتضدةُ بالعدالة والديانة تُؤَمَّنُ من [بوائقِه](١)؛ فقيل له: تصرف في مال طفلك تصرفَك في مال نفسك، إذا كنت ترعى الغبطةَ، وصلاحَ المال. والقراضُ دائرٌ بين مستقلّيْن، لا ينتظم التصرف بينهما إلا باللفظ، والأغراض تختلف اختلافاً بيناً؛ فلم يمكنا أن نترك اللفظ على عُرفٍ مطّردٍ؛ فمن التجار من لا يبيع نسيئةً أصلاً، ولا يشتري نسيئة ويُعدُّ صاحبَ النسيئة على مجازفةٍ وغرر. وهذا يغلب في معظم الأزمان. فإن لم يتّحد الغرض، ولا متعلّق إلا اللفظ، فمطلقه يقتضي الحلولَ في البيع، والشراء.
فإن قيل: إن ظهر تفاوتُ الأغراض في البيع نسيئةً؛ من جهة أنه يتضمن إزالةَ اليد عن الملك، وانتظارَ الثمن، والطوارقُ تطرق، والعوائق تطرأ فهذا متَّجهُ. أما الشراءُ بالنسيئة، فما المانع منه؟ قلنا: قد لا يؤْثر أصحابُ الديانات بقاءَ التبعات، واشتغال الذمم، وهذا غير مُنْكَرٍ في عادات كثير من الناس.
هذا منتهى القول.
ثم إذا أبطلنا البيعَ نسيئة، ولم يصر المقارض متعدياً بنفس البيع حتى يسلّمه، فإذا سلمه صار غَاصباً، والمشتري منه مشترٍ من الغاصب، وقد ذكرنا هذا الفصل مستقصىً في كتاب الغصب. فأما إذا اشترى شيئاًً مؤجلاً، فمن ضرورةِ التأجيل وقوعُ