ولو قال رب المال: رأس المال كان ألفاً، وقال العامل: بل كان خمسمائة، فالذي ذهب إليه المحققون أن هذا ليس من صور التحالف، بل القول فيه قول العامل؛ فإنه مؤتمن، وأدنى درجات الائتمان أن يصدَّق في مقدار المقبوض. وإذا لم يجر التحالف في هذه الصورة، حلّفنا العاملَ، وميزنا رأس المال أخذاً بقوله، وقسمنا الفاضل على موجب التشارط.
وذكر العراقيون وجهاًً في أن الاختلاف في رأس المال يوجب التحالف، ثم أثره ارتداد الربح بكماله إلى المالك، ورجوع العامل إلى أجر المثل، وهذا ضعيفٌ مزيف.
وليس ما ذكرناه كالاختلاف في جزئية الربح؛ فإن ذلك تنازعٌ في صفة العقد.
فصل
٤٩٧٤ - قد ذكرنا القراض الفاسد، وهذا أوان بيان حكمه، فنقول: القراض الفاسد هو الذي يجري قراضاً، ويختل [شرط](١) صحته. والحكم فيه انقطاع المسمى من الربح في مقابلة العمل، ومقتضى ذلك رجوع الربح بجملته إلى المالك، ثم لا يخيب العامل، فله قيمةُ عمله، وهو أجر المثل، وهذا جارٍ على قياس ترادّ الأعواض.
ثم إن حصل ربحٌ بالعمل -وإن قلّ- فالحكم ما ذكرناه. وإن لم يحصل شيء من الربح، وقد فسد القراض، فهل يستحق العامل أجر المثل؟ فعلى وجهين. ذكرهما شيخي: أحدهما - وهو الظاهر- أنه يستحق أجر مثل عمله، ولا نظر إلى الربح، حصل أو لم يحصل؛ فإنّ موجب القراض الفاسد تقويم عمل العامل.
والوجه الثاني - أنه لا يستحق أجر المثل إذا لم يكن ربحٌ؛ فإن القراض لو كان صحيحاً، لكان يتعطل في هذه الصورة حقُّ العامل، فمبناه إذاً على أنه لا يستحق شيئاً، إذا لم يكن ربحٌ.