للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال قائلون من أئمتنا: هذا يفسد العقد إذا جرى شرطاً فيه. وقد ذكرتُ نظير ذلك في القراض، وحكيت الوفاق فيه عن الأصحاب، وتكلُّفَ (١) تعليلِه على وجهٍ يلوح من خَلَله احتمالٌ في أن القراض لا يفسد؛ من جهة أن هذا الشرط يتعلق بالمالكَيْن، ولا تعلق له بالعامل والمعاملة، وهذا أظهر في المساقاة؛ لأن تشارط المالكَيْن في الثمار لا أثر له في المشروط للعامل، وليس استحقاقهما الثمار بحكم عقدٍ حتى يظهر في العقد أثرُ تشارطهما، فيظهر جداً أن نقول: يفسد هذا الشرط، وتصح المساقاة، ويقسم الفاضل من نصيب العاملين بينهما على نسبة المِلْكين.

وإنما رأينا ذلك في المساقاة، وأشرنا إلى فرقٍ بينها وبين القراض؛ من جهة أن الربح كأنه جزءٌ من عمل المقارَض، ولو لم يصرف الدراهمَ إلى العُروض، لما ثبت ربحٌ أصلاً. والثمار قد لا تكون كذلك؛ فإن حصولَها بالخَلْق والفطرة وتعهدها لتحسُنَ وتنمو بعمل العامل.

فصل

قال: " ولو ساقاه على حائطٍ فيها أصنافٌ ... إلى آخره " (٢).

٥٠٢٥ - إذا كان في الحائط أجناس من النخيل كالدَّقَل، والعجوة والصَّيحاني وغيرها. فذا عامل المالك عاملاً على أن له من العجوة النصف، ومن الدَّقَل الثلث، ومن الصَّيْحاني الربع، نُظر فإن علما مقدار كل نوع بالعِيان، جاز العقد، كما لو كانت الأصناف الثلاثة في حدائق مفرَّقة. وإن جهلا، أو أحدهما، لم يجز.

فإن شَرط له النصفَ من كل صنفٍ، جاز، ولا يضر الجهل بأقدار الأصناف، وهذا بيّن.

قال الأصحاب: لو اشترى عبداً من رجلين مطلقاً، يصح الشراء، وإن جهل

نصيب كل واحد منهما، فإن قال: اشتريت نصيب زيد بألف، ونصيب عمرو بألفين،


(١) (ي)، (هـ ٣): تكلفتُ.
(٢) ر. المختصر: ٣/ ٧٤.