ولو بذل الأجنبي من نفسه الاشتغال بالعمل، فامتنع عليه رب البستان، وقال لا أرضى بدخولك بستاني، فله منعه، وإذا منعه، فله حق الفسخ، كما قدمناه.
٥٠٣١ - ولو دخل أجنبيٌّ البستان من حيث لم يشعر المالك، وأكمل العمل المطلوب، فهذا فيه فضل نظر يبيّنه تقديمُ أصل مقصودٍ، وهو أن الأعمال المطلوبة بعقد المساقاة إذا وقع الاستغناء عن بعضها، مثل أن وقع العقد على السقي وغيره من ضروب الأعمال، فأغنت الأمطار عن السقي، فهل يستحق المساقَى [تمام](١) ما شرط له؟ أم كيف السبيل فيه؟ أولاً - إن وقع الاستغناء عن جميع أعمال المساقَى، أو عن معظمها، فلا شك أن هذا يؤثر؛ إذ لو قلنا: لا أثر لذلك، لزم أن يستحق ما شرط له من الثمر من غير عمل، وهذا محال؛ فإنّ الجزء الذي شرط له قوبل استحقاقه بالعمل، فيستحيل ثبوتُ استحقاقه دونه.
ثم يجري هذا فى المعظم.
ويعترض إشكال، وهو أن التقسيم في الثمار، وإبقاء بعضها، وإسقاط بعضها، ليس بالهيّن، وليس ينقدح لي فيه وجه، إلا نسبة أُجرة المثل إلى الأعمال حتى يتبيّن أنه لو استتمها كم كان أجر مثله؟ وإذا سقط بعض الأعمال، فكم أجر مثله؟ فينسب ما سقط من أجرة المثل إلى جميعها، وتضبط الجزئية ويسقط مثل ذلك من الجزء المشروط له من الثمار، فإن كان الساقط نصفَ أجرة المثل، سقط نصف ما شرط له من الثمار.
هذا هو الوجه لا غير.
وقد يعترض في ذلك أن أعمال المساقَى خارجةٌ عن الضبط، بعضَ الخروج، والجهالة متطرقةٌ إليها على حالٍ؛ فإن من أعمالها السقيَ، وهو لا يجري على نسق واحد في كل سنة، فقد تزيد أعدادُ السّقيات، ثم لا يقام لما يزيد مزيدُ عوض، وقد تنقص أعدادُها لكثرة الأنداء، ثم لا يُحطُّ لما ينقص.