للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما تلف في يده، فهل يرجع على الغاصب؟ كان ذلك خارجاً على الترتيب المشهور في الغارّ والمغرور؛ فإن العامل يدُه مترتبةٌ على يد الغاصب، والغاصب سببٌ في تحصيل يده؛ فكان في مرتبة الغارّ. وفصّل الصيدلاني ذلك، فقال: إن تلف ما خصّ العاملَ في يده من غير إتلافٍ من جهته، فطولب، ضمن، ثم رجع على الغاصب قولاً واحداً. وإن أتلفه على [حكم] (١) الغرور، ففي رجوعه على الغاصب قولان، كالقولين إذا قدّم الغاصبُ الطعامَ المغصوبَ إلى ضيفه، فأكله، فجعل يده عند التلف بمثابة يد المستودَع من الغاصب، وجعل إتلافه بمثابة إتلاف الضيف للطعامِ الذي قُدِّم إليه. هذا ما ذكره هؤلاء.

وأما العراقيون، فإنهم قطعوا أقوالهم بأن الضمان يستقر على العامل في حصته التي [قبضها] (٢)، سواء تلفت في يده، أو أتلفها؛ لأنه قبضه عوضاً، وحكم العوض في المعاوضة الصحيحة أن يضمنه مَنْ قبضه؛ فكانت يد العامل في حصته من الثمرة بمنزلة يد المشتري من الغاصب، وقد قطعنا القول في كتاب الغصوب أن قرار الضمان فيما قبضه المشتري [على المشتري] (٣)؛ فلا يتجه في القياس إلا ما ذكره هؤلاء، وهو الذي اختاره القاضي لنفسه، وظن أنه غير مسبوقٍ بهذا الاختيار. ولم يذكر العراقيون غيره.

هذا قولنا في حصته إذا فرض [منه] (٤) قبضها عند اقتسام الثمار.

ولست أرى لما ذكره أصحابنا (٥) وجهاً، إلا إخراجَ عوض المساقاة عن قياس الأعواض، وهذا غير متجه، مع كونه عوضاً عن منافعَ مستحَقة، في معاملة لازمة.

٥٠٤١ - ولو تلفت الثمار على الأشجار قبل قطافها بجائحة، أما الكلام في حصة العامل، فعلى ما ذكرناه، وأما الكلام في الحصة الأخرى، فقد ذكر الأئمةُ


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) في الأصل: قبضوا.
(٣) ساقط من الأصل.
(٤) في الأصل: فيه.
(٥) يريد المراوزة، حيث جعلوا المسألة على قولين، ولم يقطعوا قولهم كالعراقيين.