للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٠٤٩ - ومن مسائل الفصل أن يساقي مالكُ الودِي العاملَ مدةً، ويغلب على القلب إثمارها فيها، ولا ينتهي الأمر إلى الاستيقان، فكيف الوجه في ذلك؟

جمع الأئمة هذه الصورة إلى الأخرى، وهي أن تكون المدة المذكورة بحيث لا يغلب على القلب إثمارُ الودِيّ فيها ولكن كان لا يبعد أن يثمر، وما نذكره يرجع إلى المدة، لا إلى تقدير السلامة من الجائحة والآفة؛ فإن الجوائح ممكنة في النخيل الباسقة.

فليفهم الفاهم أن هذا التردد محمول على قصر المدة وطولها.

ثم حاصل ما ذكره الأصحاب في الصورتين اللتين ذكرناهما طريقان: منهم من قال: إن كان لا يغلب على القلب إثمار الوديّ في تلك المدة، فالمساقاة فاسدة، وإن كان يغلب على الظن إثمارُها، ولكن لا ينتهي الأمر إلى الاستيقان، ففي صحة المساقاة وجهان.

وهذه الطريقة غيرُ مرضية، والصحيح عكسها، فنقول: إن غلب على الظن الإثمار، صحت المساقاة وجهاً واحداً، وإن لم يغلب على الظن، ولكن الإثمار كان ممكناً، فعلى وجهين.

وإنما رأينا القطع بالتصحيح عند الغلبة على الظن؛ لأن الحكم للأعم الأغلب، في مثل ذلك. والدليل عليه أن من أسلم في جنسٍ يغلب على الظن وجودُه في محله، فإن السلم يصح، كما يصح الإسلامُ فيما يستيقن وجودُ جنسه حالةَ المحل.

وإذا تبين ما ذكرناه في الصحة والفساد، فنقول وراء ذلك: إن صححنا المساقاة، فإن اتفقت الثمار، فللعامل ما شُرط له منها، لا شيءَ له غيرُه. وإن لم يتفق الإثمار في تلك المدة، فقد خاب العامل، ونزل عدمُ الإثمار في المساقاة التي حكمنا بصحتها منزلة عدم الثمار بالجوائح في النخيل المثمرة.

وإذا حكمنا بفساد المساقاة فللعامل أجر المثل، أثمرت الودي، أو لم تثمر، ونقطع بأنه يستحق أجرَ المثل إذا كان على رجاء من وجود الثمار. وإنما الخلاف فيه إذا عُلم أن الثمار لا تكون وقنع بشرط جزءٍ من الثمار، ففي استحقاقه الأجرةَ الخلاف المقدم.