للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحاجة ماسة إلى الإجارة بينةٌ لا خفاء بها.

٥٠٦٠ - ولسنا ننكر أن الإجارة من حيث وردت عدى منافعَ لم تخلق [بعدُ] (١) مائلةٌ عن القياس بعض الميل، ولكنها مسوغةٌ لعموم الحاجة. وقد ذكرنا في مواضعَ أن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة. ثم ما ثبت أصله بالحاجة، لم يتوقف إثباته وتصحيحه في حق الآحاد على قيام الحاجة، حتى يقال: الإجارة تنعقد في حق من لا مسكن له، وهو محتاج إلى المسكن، ولا تنعقد في حق من يملك المساكن، بل يُعمم [في حكم] (٢) التجويز الكافة.

٥٠٦١ - ثم نذكر تراجم في أصول الكتاب بالتوطئة والإيناس، وننعكس في المسائل على تفصيلها، فنذكر معقود الإجارة، والألفاظَ التي تنعقد الإجارةُ بها، وما تصح الإجارة فيها، ونرمز إلى [انقسام] (٣) الإجارة في قاعدتها. إن شاء الله تعالى.

٥٠٦٢ - فأما القول في معقود الإجارة، فقد ظهر اختلاف الأصحاب فيه قديماً وحديثاً، فقال بعضهم: المعقود عليه في الإجارة العينُ المستأجرة، وإنما حملهم على ذلك محاذرةُ الحكم بإيراد المعاوضة اللازمة على مفقودٍ، وهي المنافع.

وقال قائلون: المعقود عليه في الإجارة المنافعُ.

وهذه الطريقةُ هي المرضية عند الفقهاء، فإن معقودَ كلِّ عقدٍ هو المقصود منه، والمنافع هي المقصودةُ، والإجارة عقدُ تمليكٍ، والمنافع هي التي تُملّك، وتستحق فيها دون العين، والأجرة في الإجارة تتوزع على المنافع، إذا تبعضت في منازل الفسخ والانفساخ، فهي المقصودة المعقودُ عليها، ولكن الشرعَ احتمل إيراد العقد عليها، وهي تثبت شيئاًً شيئاً (٤)؛ لما أشرنا إليه من مسيس الحاجة.


(١) مزيدة من: (د ١).
(٢) في الأصل: بحكم.
(٣) في الأصل: انفساخ.
(٤) (د١): شيئاًً فشيئاًً.