للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأعراض تعرض، والصبيّ للأمراض بالمرصاد، فثبت ما أشار إليه الشافعي من المقصود.

٥٠٨٠ - ثم نجمع ما يتعلق بالاستئجار على الحضانة والإرضاع تأصيلاً وتفصيلاً، فنقول: الاستئجار على الحضانة المجرّدة من غير إرضاع جائز، ويجوز استئجار الحاضنة في الولد الذي ليس مرتَضعاً، ويجوز للأم أن تستأجر حاضنةً لا لبن لها، والأم ترضع.

ثم نقول وراء ذلك: إن استأجر مرضعةً على الإرضاع المجرد من غير حضانة، فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من جوّزه، ومنهم من لم يجوّز الاستئجار على الإرضاع دون الحضانة.

٥٠٨١ - توجيه الوجهين: من قال: لا يجوز، استدل بأن [الإرضاع] (١) المجردَ صرفُ اللبن إلى الصبي، وهو عينٌ، [واستحقاق] (٢) الأعيان مقصودةً بالإجارة بعيدٌ عن القواعد؛ فإن الإجارةَ تعتمد المنافعَ، كما أن البيع يعتمد العين. وأيضاًً، فإن الإرضاع لا يتأتى دون الاحتضان في رفع الصبيّ ووضعه، وهو مقصودُ الحضانة.

ومن قال بالجواز، احتج بظاهر قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦]، فذكر الأجْرَ في مقابلة الإرضاع، ثم الفقيه من (٣) لا يألف فنّاً من الكلام، ويتبع المعنى، فالمرعي الحاجةُ في هذه الأبواب، وهي ماسة إلى الإرضاع، واللبن وإن كان عيناً، فليس موجوداً في الحال، ولكنه يَدِرُّ شيئاًً شيئاًً، ويضاهي المنافع من هذه الجهة، والمتبع الحاجةُ. وما ذكره القائل الأول من استحالة الأرضاع دون الحضانة، ليس بشيء؛ فإن المرضعة تلقم الصبيَّ الثديَ، وعلى غيرها الرفع والوضع.

ومما يتصل بهذا المنتهى أن المرأة لو كانت ذاتَ لبن، فقد اضطرب طرق


(١) في الأصل: إرضاع.
(٢) في الأصل: فاستحقاق.
(٣) (د ١): ثم الفقيه لا يألف فنّاً.