للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صحة الإجارة القطعُ بسلامة العقد عمّا يُنافيه، ويطرأ عليه؛ فإن الإجارة الصحيحة متعرضة لتقدير الطوارىء.

٥١١٨ - وأما قطع اليد المتآكلة إن جوزناه، فيظهر جواز الاستئجار فيه، وذلك أن الذي اعتمدناه في منع الاستئجار على قلع السن إمكان فتور الوجع، ولا إمكان في اليد المتآكلة؛ فإنا على تحقيقٍ نعلم أن الأكلة لا تزول في الزمان الذي يُفرض فيه عقد الإجارة على القطع، وليس لقائلٍ أن يقول: القطع في نفسه مما لا ينضبط؛ فإنه مضبوط، ولو لم يكن منضبطاً، لما جاز. فإذا جوزناً القطعَ، وجب أن يجوز الاستئجار عليه.

٥١١٩ - فإن قيل: معتمد من منع الاستئجار على قلع السن أن الوجع قد يفتر، ويمتنع القلع، فقولوا على حسب ذلك: من استأجر امرأة على كنس المسجد، وهي مُشفيةٌ (١) على دَوْر حيضها، لا يجوز استئجارها، لظهور الاحتمال في طريان الحيض، والسؤال مفروض في الاستئجار على الكنس في زمان معين.

قال القاضي: لا نص في هذه المسألة. ولو قلنا: لا يصح الاستئجار إذا صور المصور مسألته على التضييق الذي وصفناه، لم يمتنع، ولا يمتنع الفرق أيضاًًً؛ فن الكنس على الجملة أمر جائز، وإنما الكلام فيمن يتولاه، ولا ثقة بأدوار النسوة (٢)، فيحمل الأمر على الظاهر.

فإن قيل: هلا قلتم: إن من استأجر امرأةً حائضاً على كنس مسجدٍ، ففعلت، فقد عصت، ولكنها وفت العمل المستحق عليها بالإجارة؟ قلنا: هذا لا سبيل إليه؛ فإن كنس الحائض في زمان الحيض حرام في نفسه، والاستئجار على الحرام باطل.

٥١٢٠ - وقد يتصل بهذا الفصل إشكالٌ نبيّنه من بعدُ، إن شاء الله تعالى.

وهو أن من استأجر شخصاً لكنس دارٍ معينة، ثم أراد أن يستعمل ذلك الأجير في


(١) مشفية: من أشفى على الشيء أشرف عليه وقاربه. (مصباح).
(٢) (د ١): النسوية.