للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٥١٢٩ - فأما إذا تعرضا للتقطيع، فقالا: يركب زيد هذا شطر المرحلة، ثم يركب عمرو هذا، فإذا جرى العقد كذلك، فمن قطع بصحة الإجارة الواردة على الإشاعة من غير تقطيعٍ في اللفظ والصيغة، يجعل في هذا العقد وجهين، لما فيها من التصريح بالاستئخار، حتى كأن مضمونَها أن كل واحدٍ استأجر جملةَ الدابة في بعض المرحلة.

هذا منتهى البيان في ذلك.

٥١٣٠ - ثم نصَّ الشافعيُّ على صحة استئجار الرجلين الدابة على أن يركباها تعاقباً وتناوباً، ولفظه رضي الله عنه صالح لأن يُحمل على الاستئجار المطلق من غير تعرضِ لذكر التقطيع في صيغة العقد، وهو صالحٌ أيضاًً لذكر التقطيع في صيغة العقد.

ثم من تفريعه رضي الله عنه أنهما إذا كانا يتناوبان على الدابة، فينبغي أن يرعيا الإنصاف، والانتصاف، ومن مقتضى هذا ألاّ تطولَ مدةُ ركوب كل واحدٍ، فإن أحدهما إذا ركب فراسخ وصاحبه (١) يمشي فإذا أراد الركوبَ، وقد لحقه العِيُّ (٢) والكلال، فيثقل بدنه على الدابة إذا ركب، وهذا مما يظهر أثره، وإذا كانا يتناوبان على أزمنة متقاربة بحيث لا ينتهي واحدٌ منهما إلى الكلال، فلا يؤدي إلى الإضرار بالدابة.

وهذا حسنٌ، لا بد من مراعاته، إلا أن يكون الذي يُطيل المشيَ لا ينتهي إلى العِيّ الذي يُفضي إلى ثقل البدن، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص، واعتبارُه هيّن، إذا فهم المقصود.


(١) (د ١): فصاحبه إذا أراد الركوب ..
(٢) (د ١): العياء. والعي والعياء بمعنى العجز، وإن غلب على الأول الاستعمال في وصف المرض الذي يعجز عنه الطبيب. وعلى الثاني الاستعمال في وصف من عجز عن البيان، ولم يهتد إلى الرأي، والمعنى المراد هنا كما هو واضح من السياق: العجزُ عن المشي، لا عن البيان (المعجم والمصباح).