للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأول غيرُ مقصّرٍ في الإجارة والتسليم، وإنما جاء العدوان من الثاني، فلم يتعلق بالأول عدوانٌ، ولا سببُ عدوان، وليس كذلك إذا ركب من هو أثقل منه؛ فإن عيْنَ ذلك عدوان. ولكن إذا تحقق الإتلاف من الثاني، فعليه قرارُ الضمان، والمطالبة تتوجه على الأول؛ لأنه تسبب إلى ما جرى. وهذا واضحٌ.

٥١٧٩ - ومما يتعلق بالركوب في الدابة المعيّنة أنه لو اكترى بعيراً (١) [ليحمله] (٢) مَحْمِلاً ليركبه، فلا بد من إعلام المَحْمِل، فإن عاينه، كفى، إجماعاً، ولا يشترط مع العيان معرفةُ الوزن.

وإن لم يكن المَحْمِل حاضراً، فلا بد من وصفه؛ فإن وقع الاقتصار على ذكر وزنه، فالذي قطع به المحققون أن ذلك لا يكفي؛ فإن المحامل تختلف بالسعة والضيق، وغيرهما من الصفات، مع التقارب في الوزن، ويختلف الضرر والعناء على الدابة باختلاف هذه الصفات اختلافاًً بتناً.

وذكر بعضُ الأصحاب أن الاقتصار على ذكر الوزن كافٍ، ثم لهيئة المحمل على الوزن المعلوم ضبطٌ يعرفه أهل الصناعة فيتّبع ذلك. وهذا الوجه ضعيفٌ، لا أعتدُّ به.

ولو وصف المَحْمِل بالطول والعرض والسعة، وكل ما يختلف الغرض به، ولم يتعرض للوزن، ففي المسألة وجهان: أصحهما - أن الوزن لا بد منه؛ فإنه الأصل.

والثاني - أن الصفات كافية كما في العيان؛ إذ لا خلاف أنه لا يجب الوزن مع العيان.

٥١٨٠ - والأصح أن الراكب إذا كان غائباً، كفى في إعلامه وصفُه، ولا حاجة إلى ذكر وزنه، وفيه أيضاًً خلافٌ قدّمته، والأصح في المحمل وجوب ذكر الوزن إذا كان غائباً، والأصح أن ذلك لا يجب في الراكب الغائب، والمتبع في النفي والإثبات والفرق والجمع العرفُ، وهو هيّنٌ على أهل المعاملة.

٥١٨١ - ولو جرى ذكر المَحْمِل في موضعٍ محاملُه متدانية كمحامل بغداد،


(١) (د ١): بعين.
(٢) في الأصل: ليحملها.