للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسليم الدابة الموصوفة، وإقباضها، فإن كانت الأجرة التي سلمها إليه قائمةً بعينها، فالمكتري بالخيار بين أن يفسخ العقد، ويسترد عينَ ماله، وبين أن يُمضي العقدَ، ويضارب الغرماء.

وإن لم تكن الأجرة باقيةً، فلا وجه له إلا المضاربة، والسبيل فيها أن يضارب بكراء مثل إركابه على الدابة الموصوفة، إلى الموضع المذكور، وما خصه بالمضاربة لا يسلّم إليه؛ إذ لو سُلّم إليه، لكان اعتياضاً عن المسلَم فيه، ولكن يصرف ما يخصه إلى دابة يركبها، فإن أمكن شراء دابة للمفلس، حتى يركبَها المكتري إلى المكان المسمى، ثم الدابة تباع، وتصرف إلى الغرماء، فهذا بالغٌ حسن، وفيه توفية حق المكتري من غير تنقيصٍ من حقوق الغرماء. وإن لم يتمكن من ذلك، اكترينا بما يخصه دابةً على الصفة التي ذكرها، فإن لم يف ذلك المقدارُ بتمام الغرض، حصّلنا بعضَ المقصود، وبقي الباقي ديْناً له في ذمة المفلس، وقد ذكرنا المضاربة في السلم في كتاب التفليس. وهذا عين (١) ذاك.

وقد نجز القول في اكتراء الدابة للركوب على صفة التعيين، وعلى إلزام الذمّة.

٥١٩٥ - فأما الاكتراء للحمل، فينقسم إلى إجارةٍ ترد على عين الدابة وإلى إجارةٍ تعتمد إلزام ذمة [المكري] (٢)، فأما ما يتعلق بالعين، فهو استئجار دابة معيّنة لتحمل متاعاً، وفي اشتراط رؤيتها قولان، كالقولين في شراء العين الغائبة، ثم لا بد من الإعلام، وله مسلكان، كما تقدم ذكره: أحدهما - الإعلام بالزمان، وذلك مثل أن يقول: اكتريت منك هذه الدابة بياضَ هذا النهار، لأنقل عليها أمتعةً لي من الحانوت إلى الدار؛ فالإجارة تصح، فإنّ ذكْر المدة يُعلم المقصودَ، ويبيّنه، ولكن لا بد من ذكر المقدار الذي تحمله الدابة كلَّ كرّة، فإنها لو حملت ما لا تُطيق في كل كرة، لتفسخت، وهلكت.

فهذا وجهٌ في الإعلام.


(١) (د ١): غير ذاك.
(٢) في الأصل: المكتري.