ولا يرجع ما لم يقصد الرجوع، فلو قصد التبرعَ، لم يرجع، ولو لم يقصد شيئاًً، فلا يرجع أيضاًً، وإنما التردد والاختلاف إذا أنفق على قصد الرجوع.
ولو كان في الموضع حاكم، ولكن عسر عليه إثبات الواقعة في مجلسه، والقاضي لا يتصرف على غير بصيرة، فهذا بمثابة ما لوْ لم يجد الحاكم في التفصيل الذي ذكرناه.
٥٢٤٩ - وما ذكره الأصحاب من الفصل بين أن يُشهد، وبين أن لا يُشهد مشهورٌ في المذهب، ولكن لستُ أرى لذلك أثراً في إثبات الرجوع في الأصل؛ فإن الشهود لا يسقطون على حكمٍ غيرِ ثابتٍ، وإنما التفويض والتسليط إلى الولاة.
ولكن هذا يضاهي أصلاً سيأتي في كتاب اللقطة، وهو أنه هل [يجب](١) على الملتقط أن يُشهد، إذا تمكن من الإشهاد، فهذا مأخوذٌ من ذلك، وسيأتي مشروحاً، إن شاء الله عز وجل.
٥٢٥٠ - ثم قد ذكرنا فيه إذا فوّض الحاكمُ إليه الإنفاقَ أنه لو اختلف المكري والمكتري في المقدار، فالقول قول من؟ والذي يقتضيه القياسُ أنه إذا أنفق بنفسه من غير تفويضٍ، وقلنا: له الرجوع في القدر المتفق عليه، فلو فرض نزاعٌ، فالقولُ قولُ المكري؛ فإنه لم يستند إنفاقُه إلى ائتمان من جهة السلطان. وفيه احتمالٌ؛ من جهة أن الشرعَ سلّطه على الإنفاق، فيجوز أن يكون كتفويض الحاكم إليه، وللحاكم سلطنةٌ في مال الغُيّب على شرط النظر، والمصلحة.
ولو وجد مالاً لغائب، وكان ضائعاً لا يتأتى حفظه إلا بمؤونة، وقد يبلغ مبلغاً، فلو أراد بيع ذلك المال، وإمساك ثمنه للغائب، جاز ذلك، وسنصف هذه الأبواب في أحكام القضاة، إن شاء الله عز وجل.
فرع:
٥٢٥١ - الأجرة إذا كانت مؤجلةً في الإجارة، فحلّت، وقد تغيرت صفةُ النقد، وكان ذُكر مطلقاً في العقد، فلا شك أن الاعتبار في صفة النقد بالنقد الذي كان غالباً يومَ العقد، ولا نظر إلى نقدِ يوم الحلول. وكدلك القولُ في الثمن إذا حل.