من رصيد فني، وسكبت على طروسه محاسن خبرتها العالية؛ ليتربع على منصة الجودة، ويعلو سنام التميز، ويتناغم الجَمَالان: جمال المضمون الفقهي، وجمال الإبداع الفني في إيقاع أخاذ.
وبعد فلِلّهِ در محقق " نهاية المطلب " الدكتور عبد العظيم محمود الديب ذي العزمات الوثابة؛ فقد اضطلع بتحقيق هذا المصدر المعرق في الأصالة، وأنفق أنفس أوقاته في خدمة تراثنا الشرعي، متمثلاً في إبراز هذا السفر الجليل يتهادى في حلل التحقيق، ويتراءى في جودة التدقيق، فقد قضى -أثابه الله تعالى- نحواً من ربع قرن في العناية بـ " النهاية " إِلى النهاية، فقابل مخطوطاته ببعضها، وبين فوائدها وتنوعها، وخرج أحاديثها وآثارها، وميز صحيحها من سقيمها، وعلَّق على ما يتطلب التعليق من غريبها وغامضها، فما انفكت يده عنها إلا وهي تتلألأ تلألؤ النجوم في سمائها، فتهدي الحائر في ظلمة الليل البهيم، وأهدى هذا السفر إلى متفقهة العصر؛ ليضاف إلى ذلك الرصيد الضخم من التراث الشرعي:
هذي الفضائل لا قعبان من لبنٍ ... شِيبا بماء فعادا بعد أبوالا
فجزى الله تعالى الدكتور الديب خير ما يجزي الصالحين، وختم لنا وإياه بالحسنى، وأثاب الناشر بما هو له أهل.