للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حكم العرف، وإن كانت العادة مطردةً في أن الحطب يأتي به الملتزم، ففيه اختلاف بين الأصحاب. فالذي ذهب إليه القاضي والمحققون أن العادة محكّمةٌ في ذلك، وقد التزم الأجير تحصيل الخبز، فعليه التسبب إليه.

ومن أئمتنا من قال: لا يكون على الملتزم حطبٌ؛ فإنه عينٌ يُشترى، وهو تمليك بجهات التملك، فلا يتبع المنفعة.

وهذا الذي ذكرناه في الخبز [يجري في القلم والحبر] (١) في حق الورّاق، والخيط في حق الخياط. وإن اضطربت العادة، فلا يستحق على الخباز، ولكن في بطلان العقد الخلاف الذي قدّمناه.

فصل

قال: " وإن اكترى دابة، فضربها أو كبحها باللجام ... إلى آخره " (٢).

٥٢٦٨ - هذه المسألة ليست نظيراً للمسائل التي تقدمت؛ فإنها كانت مفروضة في استئجار أجيرٍ للعمل، وهذه المسألة فيه إذا استأجر الرجل دابةً ليركبها، أو يحمّلها حُمولةً، فلو قبضها، أو ضربها (٣) في التسيير، أو كان يكبح لجامها، فهلكت، فقد قدمنا أن العين المستأجرة أمانةٌ في يد المستأجر، وأنها لو تلفت بآفةٍ سماوية تحت يده، لم يلتزم الضمان أصلاً، فإذا وجد من المستأجر فعلٌ كما ذكرناه، من الضرب وكبح اللجام، فإن لم يجاوز المعتادَ في ذلك، ففرض التلفُ، فلا ضمان أصلاً، وإن جاوز العادةَ في ذلك، بحيث يُعدّ مجاوزاً، فقد أثبت الأصحاب الضمان.

وقال أبو حنيفة (٤) يجب الضمان سواء عُدّ الضارب مقتصداً أو مجاوزاً للعادة، وهذا أجراه على مذهبه في أن سراية القصاص مضمونة، وسنجمع بعد ذلك بفصول قولاً بالغاً في التعزيرات، وحكم الضمان [فيها] (٥) إذا أدت إلى الهلاك، ونعيد هذا


(١) زيادة اقتضاها السياق، سقطت من النسختين.
(٢) ر. المختصر: ٣/ ٨٧.
(٣) (د ١): وتركها.
(٤) ر. بدائع الصنائع: ٤/ ٢١٣، وحاشية ابن عابدين: ٥/ ٢٤.
(٥) في الأصل: منها.