للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم يمينه أنه لا يغرم لرب الثوب أرشَ النقصان.

٥٣٠٩ - ويقع النظر وراء ذلك في استحقاق الأجرة.

وقد اضطرب طريق الأصحاب فيه، فالذي صرح به شيخي -وهو مقتضى ما ذكره الصيدلاني وغيرُه- ذكرُ الاختلاف في أنه هل يستحق الأجرة المسماة إذا حلف؟

وقال العراقيون: لا يستحق الأجرة المسماة وجهاً واحداً، وهل يستحق أجرَ مثل عمله؟ فعلى وجهين، فنوجه الخلافَ في استحقاق الأجرة، ثم نبين ما صار إليه العراقيون من الفرق بين الأجرة المسماة وأجرة المثل.

فالتوجيه في الأصل: من قال: لا يستحق الأجرةَ، قال: يكفيه أن تنفي يمينُه الغرمَ عن نفسه، فأما أن يُتوصل بها إلى استحقاق ما يدّعيه، فهو بعيد عن [نظم] (١) الخصومة.

ومن قال: إنه يستحق الأجرَ، احتج بأن أصلَ الأجرة متفق عليه، وإنما الكلام في تعيين العمل، وبينهما عملان يتنازعان فيهما، ومن ضرورة انتفاء الغُرْم عن الأجير ثبوتُ الإذن في العمل الذي صدر منه. فإذا ثبت كونه مأذوناً فيه، وقد تقرر أن العمل المأذون فيه مقابَلٌ بالأجرة، فتثبت الأجرة.

٥٣١٠ - هذا أصل التوجيه. والذي صار إليه العراقيون من الفرق بين المسمى وأجرة المثل مُنقدح؛ فإن الأجرة المسماةَ قد تزيد على أجرة المثل، فثباتها بقولِ من يدّعيها بعيدٌ، [ويبعد أن يحبَطَ تعبُ العامل] (٢) إذا ثبت كونُه مأذوناً فيه، فالإنصاف أن ألا يزيد على أجر المثل.

ومن يُثبت الأجرةَ المسماةَ يقول: سبب ثبوت الأجرة أنها متفقٌ عليها ذكراً، وقد انتفى العدوان بيمينه، وتعيّن بانتفائه وقوعُ الفعل مأذوناً فيه، ومساق ذلك يُثبت الأجرة المسماةَ، إن كنا نرى إثبات الأجرة.


(١) في الأصل: تعلّم.
(٢) في الأصل: ولا يمتنع ألا يحبط تعب العامل.