ثم فرع صاحب التقريب وقال: لو اكترى دابة وشرط أن يردّها إلى بلد المكري من منتهى سفره، لزمه الرد.
وإن كان العقد مطلقاً، فإن كان المالك مع الدابة، هان ردُّها عليه في منتهى السفر، وإن لم يكن رب الدابة معها، فعليه أن يردها إلى بلده جرياً على وجوب الرد.
والمراوزة يقولون: لا يلزم الرد، ولكن إذا انتهى السفر، فالمستأجر في العين المستأجرة كالمودَع إذا أراد سفراً، وسبيله إذا أراد ذلك أن يسلّم العين إلى الحاكم، وفيه تفصيل سيأتي في كتاب الوديعة، إن شاء الله عز وجل.
وهؤلاء يقولون: لو شرط الردَّ على المستأجر، كان شرطاً باطلاً، مفسداً للإجارة.
٥٣٢٤ - فخرج من مجموع ما ذكرناه اختلافُ الأصحاب في أن الإجارة إذا انتهت، فيد المستأجر يدُ ضمان أم لا؟ وعليه يترتب مؤنةُ الرد، أو على مؤنة الرد يترتب الضمان. وهما كالقضية الواحدة؛ فإن ضمان العين نتيجة ضمان الرد، كما قررناه في العواري.
وطريقة المراوزة أمثل، ويبعد كل البعد أن يقال: إذا انقضت المدة، وهمَّ المستأجر بالرد، فتلفت العين في يده من غير تقصيره، يجب الضمان عليه. ومن أوجبه طردَ القياس في إثبات الضمان وألحق العينَ بعد الإجارة بالمستعار، والمأخوذِ سَوْماً.
ولا يمتنع عندنا أن يفصل الفاصل بين ألا يرد ويحبس، وبين أن يسعى في الرد غيرَ مقصّر. ولفظ الشافعي -إن كان الأخذُ منه- يتضمن هذا، فإنه قال:" ولو حبسها بعد انتهاء المدة، ضمنها ". فخصص الضمان بالحبس.
٥٣٢٥ - وذكر القاضي مسألةً لها اتصالٌ بما نحن فيه، فقال: إذا دفع الرجل بضاعةً إلى إنسان، فالتمس منه أن يحملها إلى بلد،، ويشتري له جاريةً، ففعل، فلا يلزمه نقلُ الجارية، بل يتركها؛ لأنه متبرع في عمله، وقد فعل ما أُمر به. وهذا الذي ذكره قياسٌ، لا شك فيه، والجارية التي يقبضها وتحصُل في يده، في حكم وديعةٍ وهو في