استأجر من يطحن حنطةً بقفيزٍ من الطحين، فالإجارة فاسدة.
٥٣٥١ - والعلل وإن كانت ظاهرةً في إفساد الإجارة في هذه المسائل، فالمعتمد الأظهر فيها ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نهى عن قفيز الطحان "(١)، ومراده صلى الله عليه وسلم استئجارُ الطحان بقفيزٍ من الطحين.
٥٣٥٢ - ولو استأجر مالكُ الجاريةِ مرضعةً لترضع الجاريةَ الرضيعةَ، وشرط أجرتها جزءاً من الجارية إذا فُطمت، فالإجارة فاسدة، تخريجاً على قفيز الطحان.
ولو قال: استأجرتُكِ على إرضاعها، وأجرتُك ثلثُ رقبتها في الحال، فهذا يخرّج على مسألةٍ نُقدّمها، ونذكر ما فيها: وهي أنه إذا كان بين رجلين جاريةٌ رضيعةٌ، فلو استأجر المالكان مُرضعة، جاز ذلك، ويقع العمل على نصيبهما، والأجرةُ عليهما، ولو أراد أحدُهما أن يستأجر مرضعةً، ولم يساعده شريكه، فالإجارة لا تنتظم في بعض الجارية؛ من جهة أن إيقاع العمل في البعض غيرُ ممكن، وإيقاع العمل في الجميع يتضمن إيقاعَ عملٍ في ملك الغير، من غير إذنه، وهذا مما لا يسوغ من الشريك الانفرادُ به. نعم، لو ظهرت الضرورة، فالحاكم يستأجر على الممتنع، والطالب.
ولو كانت الجارية الرضيعة مشتركةً بين رجلٍ ومرضعته، فاستأجر الرجل المرضعة على الإرضاع، فعملها يقع على ملكها وملك الشريك المستأجِر، فتفسد الإجارة.
فإذا ثبت ما ذكرناه، فنعود، ونقول: إذا كانت الجارية الرضيعة خالصةً لإنسانٍ، فاستأجر مرضعةً، وجعل أجرتها جزءاً من الجارية، فعملها لو صحت الإجارة يقع على ملكها وملك المستأجر، فتفسد الإجارةُ بناء على القاعدة التي مهدناها.
فرع:
٥٣٥٣ - إذا استأجر حلياً من ذهبٍ بذهب، أو فضة، فلا بأس، ولا نظر إلى جوهر الحلي، وإلى الأجرة المذكورة، فإن الأجرة في مقابلة منفعة الحلي، لا في مقابلة جوهره، فلا يثبت شيءٌ من أحكام الربا على هذا الوجه.
(١) حديث النهي عن قفيز الطحان رواه الدارقطني: ٣/ ٤٧، والبيهقي: ٥/ ٥٣٣٩، وانظر تلخيص الحبير: ٣/ ١٥٣٣، ح ١٣١٦.