للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعلنا القصارةَ عيناً، وقد أتلف الأجنبيُّ الثوب، وفوّت القِصارة، فلا ينفسخ العقد بين الأجير والمالك المستأجِر، لكن يثبت للمستأجر الخيارُ في فسخ العقد المعقود على القصارة، وهكذا القول في المشتري، وتخيُّره إذا أتلف الأجنبيُّ المبيعَ قبل القبض، فإن اختار المستأجرُ فسخَ العقد في القصارة، سقطت الأجرة للقصار عن المستأجر، ثم نقول وراء ذلك:

٥٣٩٤ - إن جعلنا يده يدَ أمانة، فلا تبعة، ولا طَلِبَة للمالك عليه، ثم لا يحبَط حقُّه؛ فإن القصارة في حكم عين متلفة عليه، ونصور في هذا المنتهى الصورة التي ذكرناها قبلُ، فالثوب على البت عشرة، والأجرة المسماة درهمٌ، والثوب المقصور خمسةَ عشرَ، ونزيد، فنقول: أجرة مثل القصار نصف درهم، فيرجع الأجير على الأجنبي المتلِف. والذي قطع به الأئمة قاطبةً أنه لا يغرِّمه قيمةَ القِصارة خمسة، بل يرجع بمقدار أجرته، ثم المسألة محتملة، فيجوز أن يقال: إنه يستحق مقدار الأجرة المسماة من القصارة، وكأن ذلك القدر ارتدّ إليه بفسخ المستأجر، فيطالِب بقيمة ذلك المقدار المتلِف المفوّت. ويجوز أن يقال: لا يطالب المتلِف إلا بأجر مثله؛ فإنَّ فسخ المستأجر، أسقط اعتبار الأجرة المسماة، فلا يستحق الأجير إلا مقدارَ قيمة عمله من القصارة، وقيمةُ عمله أجرُ مثله. فإن قيل: هلا جعلتم جميع القصارة له؟ قلنا: هذا أصلٌ مهدناه في كتاب التفليس، فلا حاجة إلى إعادته هاهنا.

٥٣٩٥ - وتمام الكلام في ذلك أن المالك إن غرّم الأجنبيَّ، غرَّمه قيمةَ الثوب إلا ما غرّمه الأجير، فإنه لو غرمه القيمة [التامة] (١) وغرمه الأجير (٢) ما ذكرناه لتثنَّى الضمان عليه في ذلك المقدار.

٥٣٩٦ - وإن جعلنا يد الأجير يدَ ضمانٍ، فإنه يضمّنه إن أراد ما يضمّن المتلِف، ثم إنه يرجع بما يغرَمه على الأجنبي المتلِف.

٥٣٩٧ - وإذا بأن الحكم في الصورة التي ذكرناها، لم يخف ما سواها، فلو كان


(١) في الأصل: الثانية.
(٢) في (د ١): " الأجنبي ".