للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي ذكره يخالف ما ذكره ابن سريج، واختاره معظم الأئمة، [وإن] (١) كان متجهاً في المعنى.

وقد ذكرت في العاريّة ما يتوجه به مذهب ابن سريج والأصحاب.

٥٥٣٢ - ثم ينشأ من هذا المنتهى أمر مبهم، لم يصرح به الأصحاب، ودلت مرامزهم فيه على تردد، فإذا طلب المالك القلعَ، فصاحب البناء محمول على هذا في كل مذهب، وقد ذكرنا أن مالك الأرض يغرَم ما ينقصه القلع. ولكن ربما يحتاج في القلع إلى مؤونة لها قدرٌ، فمؤونة القلع كيف السبيل فيها؟ وعلى من هي؟

ظاهر كلام معظم الأصحاب يشير إلى أن القلعَ على صاحب البناء، ثم إذا قلع، فعليه النقل، ومؤونة تفريغ الأرض، وعلى مالك الأرض أن يغرَم له ما بين قيمة النقض وقيمة البناء القائم. والقلع على هذا التقدير من النقل، ولكنه نقلٌ فيه معاناة ومقاساة مشقة، فلا يجمع على مالك الأرض بين مؤونة القلع، وأرش النقص.

وفي كلام الأصحاب ما يدل على أن مؤونةَ القلع على مالك الأرض، كما أن عليه ما ينقصه القلع. وهذا متجهٌ جداً؛ من قِبل أنا لو جعلنا القلعَ نقلاً، لوجب أن لا يغرمَ مالكُ الأرض ما ينقصه القلع، فإن ما هو نقلٌ وتفريغٌ، فهو محتومٌ على المستأجر، فإذا اتفق القلع [منه] (٢)، فلا خلاف أن نقلَ النقض، وتفريغ الأرض منه على المستأجر، فلو كان القلع معدوداً منه، لوجب أن لا يلزم مالك الأرض شيء.

والمسألة في نهاية الاحتمال، والوجه إلزام مالك الأرض مؤونة القلع لما نبهنا عليه.

٥٥٣٣ - ومما ذكره الشيخ أبو علي أن مالك الأرض إذا طلب من صاحب البناء أن يقلع مجاناً، وأبى صاحبُ البناء، وطلب التبقية مجاناً، وأصرَّا على التناكر وطلب كل واحد منهما محالاً. هذا مما ذكرتُه في العاريّة، ولكن الشيخ ذكر وجهين، وأنا اقتصرت على أحدهما، [وإن كان أظهرَهما] (٣) قال رحمه الله: إذا تناكرا، وطلب كلٌّ


(١) في الأصل: فإن.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) زيادة من (د ١).