للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كونه ممنوعاً، فهل يملك البقعة بالإحياء المعتبر التام؟ حاصل ما ذكره الأئمة أوجهٌ ثلاثة:

أحدُها- أنه لا يملك؛ فإنّه أقدم على إحياءٍ هو ممنوعٌ منه، فكان مقتضى المنع إعدام أثر الإحياء.

والوجه الثاني - أنه [يملك] (١)، وهو ظاهر القياس؛ فإنه لم يوجد من المتحجِّر إلا إظهارُ همّه بسبب التملك، وليس ما جاء به محسوباً من السبب، وهذا الذي أكمل الإحياء أتى بسبب التملك، وهذا بمثابة تحريمنا السّوْمَ على السَّوْم والخطبة على الخِطبة، ثم لو سام على سَوْم أخيه، واشتراه، ملَكه، وإن فعل ما لم يكن له أن يفعله.

والوجه الثالث- أن التحجر إن لم يتصل بإقطاع الإمام، ملك المحيي، وإن أقطع الإمامُ فتحجر، أو وجد الإقطاع المجرد من غير تحجر، فالمُحيي لا يملك؛ فإن الإقطاع (٢) صادر من صاحب الأمر، ولا يليق بتأكيد الشرع طاعةَ الولاة [تجويزُ] (٣) الخروج عن مراسمهم. والتحجر الذي ينفرد به المتحجر يجوز أن يُفرض مزاحمتُه.

٥٥٩٩ - ولو تحجر المتحجر، ثم طال الزمان، وامتدت المدة، وأعرض عن العمارة، فللوالي أن يقول: إن أحيَيْتَها، وإلا خلّينا بينها وبين من يُحييها، فإن الموات مُرصدٍّ لعامّة المسلمين، وإنما ثبت حق المتحجِّرِ فيه؛ لأنه ذريعةٌ إلى العمارة، فإذا طال الزمان، بطلت الذريعة.

ثم لا يتوقف بُطلانُ التحجر على إبطال الوالي، وإنما نؤثر رفعَ الأمر إلى الوالي لقطع الخصومة، وإلا فالحكمُ أن التحجرَ إذا بطل أثره، فلا حكم له، حتى إذا قلنا: لا يملك المُحْيي البقعةَ المتحجرة، فيُقضَى بأنه يملكها إذا ظهر انقطاعُ أثر التحجّر.

ثم لا مرجع في ذلك إلى ضبطٍ محدود، وإنما الرجوع إلى أهل العرف، والذي


(١) في الأصل: تمليك.
(٢) (د ١)، (ت ٣): الإقرار.
(٣) في الأصل: تحريف.