للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماء، وانعقد الملح، فلا شك أنه يختص بذلك الملح الحاصل، وسنوضّح أن من أحيا أرضاًً، فظهر فيها معدن من المعادن الكامنة، فمُحيي الأرض مالكه.

٥٦١٨ - ولو احتفر الأرض على الساحل، وقصد بما يفعله جذبَ الماء لينعقد الملح، فهذا في التحقيق أخذٌ من النَّيْل العام، على جهة الاختصاص.

فالوجه فيه أن يقال: إن كان بالقرب من مملحةٍ ينعقد الملح فيه (١)، فإن احتفر حفيرةً، وجرَّ شيئاً من الماء، فهو مزاحَمٌ [فيه إن أراد أن يبقى له دائماً، وقد يُميل إليه جملةَ المملحة، فاحتفاره كأخذه] (٢) من النيل، وقد مضى الأخد مفصَّلاً، فالاحتفارُ طريقٌ في الأخْد فدائمُه كدائمه، وما يحصل شيئاً فشيئاً [كالأخذ] (٣) المقطّع من المعدن.

ولو احتفر الأرضَ على شط البحر، والبحر ليس [مملحة] (٤)، ولا ينعقد الملح فيه أبداً، ولكن إذا فتح منه فتحات ضيقة، إلى سَبْحة (٥)، انعقد الملح منه على قرب، فإذا فعل الفاعل هذا، اختص، ولم يزاحَم، فكان بما فعله كاسباً منفعةً بجهةٍ في إحياء الأرض، كالزارع والغارس وغيرهما. هذا تفصيل ما أبهمه الأصحاب.

...


(١) كذا في النسخ الثلاث، بضمير المذكر، ولها وجهٌ أشرنا إلى مثله كثيراً.
(٢) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٣) في الأصل: كأخد.
(٤) في الأصل محرفة إلى: ممكنة.
(٥) كذا بالأصل، بالحاء المهملة، فقد رسم تحتها (حاءً) صغيرة علامة على إهمالها، وهي بمعنى الحفرة، من سبَحَ فلانٌ في الأرض: حفر. (المعجم).
وفي (د ١)، (ت ٣): سبْخَة، بالخاء المعجمة، وهي أرضٌ ذات ملحٍ ونزّ، لا تكاد تنبت. (المعجم) وكلا المعنيين يستقيم به الكلام، والله أعلم أيهما أراد المؤلف رضي الله عنه.