للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الأئمة: في المعدن الذي عليه أثر العمارة الجاهلية ثلاثة أقوال: قولان تقدم ذكرهما، والثالث - أنه بمثابة المعادن الظاهرة العِدة، وليس يتوجه هذا إلا بأن يقول قائل: ألفيناه في الإسلام معدناً، فلا يضر اكتتام نَيْله إذا كنا نعلم أن المعدن نيل (١).

وهذا بعيدٌ؛ فإن المعدن إذا لم يكن عليه أثر الجاهلية، فأظهر نيلَه مسلم، وقلنا: إنه لا يملكه، ثم أضرب عنه، أو مات، فلا يصير المعدن ملتحقاً بالمعادن الظاهرة، لا نعرف في ذلك خلافاً، ولو صح ما ذكره [موجِّه] (٢) القول الثالث، للزم التحاق المعادن التي ظهر نيلُها بعمل المسلمين بالمعادن الظاهرة، وهذا لا سبيل إلى التزامه.

٥٦٤٢ - فأما الطريقة التي ذكرها الشيخ أبو علي، فهي المنقاسة المرضية، وهي أنه قال: إذا عمل أهل الجاهلية على المعدن، وقلنا لا تملك المعادن بالعمل عليها، فوجود عملهم وعدمه بمثابةٍ (٣)، وهو كما لو لم يكن عليه أثر عمارة، وإن قلنا: إن المعادن (٤) تملك بالعمارة، فإذا عمروها، فكأنهم ملكوها، فإذا تحولت البلاد إلى المسلمين، فالتفصيل فيها كالتفصيل في الموات الذي ملكوه بالعمارة في الجاهلية، وفيه قولان تقدم ذكرهما، وسبب التردد في هذا أنا نحكم لأهل ملتنا بتملك الموات إذا أحْيَوْه، وإسناد هذا الحكم إلى الجاهلية في حكم تقديم الحكم من ملّتنا على أهل الملل السابقة، ولم يتبين من أديانهم حكمُ إحياء الموات، فأما ما نصادفه في أيديهم متموَّلاً متحوَِّلاً، فنحكم فيه بحكم الماليّة.

هذا بيان قاعدة الحكم في المعادن الكامنة.

٥٦٤٣ - فإذا أحيا رجل أرضاًً مواتاً، وحكمنا له بالملك فيه، فظهر فيه معدن من المعادن الكامنة، فهو باتفاق الأئمة ملك محيي الأرض؛ فإنه بالإحياء ملك الرقبة إلى


(١) أي سبق اكتشافه وإظهارُ نَيْله.
(٢) في الأصل: فوجه.
(٣) بمثابةٍ: أي بمثابةٍ واحدة.
(٤) عبارة (د ١): العمارة تملك بها المعادن.