للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما أعدته لأن شيخي كان يكرر في دروسه وجوبَ بذل فضل الماء للمواشي، وإن كانت البئر مملوكةً؛ تمسكاً بظاهر الخبر؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يفصل بين البئر المملوكة لحافرها وبين البئر التي ليست مملوكة لحافرها، لأنه لم يقصد تملّكها.

وكلام الصيدلاني في هذا الفصل مطلقٌ ليس فيه تفصيلٌ، وفرقٌ. [ولو كان] (١) الحكم يختلف عنده، لأشبه أن يفصّل.

وإنما (٢) أخرت ذلك لأني لست أعتمده ولا أعتدّ به، ولا آمن أن يكون إطلاق من أطلقه عن غفلة، ولم يصرح أحدٌ بوجوب صرف فضل الماء إلى المواشي مع التصريح بكون البئر مملوكة إلا شيخي.

٥٦٦٤ - ومما ذكره الأئمة متصلاً بما ذكرناه أن من حاز ماءً، وأحرزه في أوانيه، أو جمعه قصداً في حوضٍ له، وسد المنافذ، فهذا مملوك على الرأي الظاهر، وإن لم نجعله مملوكاً على مذهب المروزي، فمحرزه أوْلى من غيره.

والماء الذي يجري في النهر المملوك، كماء القنوات مملوك (٣) على الرأي الظاهر لمالك القناة، وكل من تصرف فيه بما ينقُصه، ويُظهر نقصَه، فهو ممنوع منه، ولو استاق أصحاب المواشي مواشيَهم إلى هذه المياه، وكان يظهر النقص منها، فهي مجلاةٌ عن الماء ممنوعةٌ، وما لا يظهر له أثر كالشرب، أو كسقي دوابَّ معدودة، أو كأخد قِربٍ، فقد ذهب ذاهبون إلى أنه لا يسوغ المنع من هذا القدر، واستمسكوا بقوله صلى الله عليه وسلم: " الناس شركاء في ثلاثة: الماء والنار، والكلأ " (٤) وهذا بعينه هو الذي نقلتُه عن شيخي وأنكرته، فإنه انتفاعٌ بفاضل مملوكٍ.


(١) في الأصل: وإن الحكم عنده.
(٢) (ت ٣): وما أخرت.
(٣) في الأصل، (ت ٣): مملوكة.
(٤) حديث " الناس شركاء في ثلاث ": رواه أبو داود: البيوع، باب في منع الماء، ح ٣٤٧٧، وابن ماجه: الرهون، باب المسلمون شركاء في ثلاث، ح ٢٤٧٢، وأحمد: ٥/ ٣٦٤، والبيهقي في الكبر: ٦/ ١٥٠، والصغرى: ٣/ ٣٢٩ رقم: ٢١٩٦، وأبو عبيد في الأموال: ٧٢٨. وكلهم بلفظ (المسلمون) سوى أبي عبيد وحده فإنه قال: الناس.