للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قسمين: أحدهما - يتعلق بإدامه الملك، وإقامته، وصونه عن الخراب، وعن إمكانه.

وبيان ذلك أن من أراد أن يحتفر في الموات الذي بقرب العمران بئراً أو نهراً عميقاً، وكان الملك يتَضرّر على تحقيقٍ، أو يُخاف ضررُه، فيمنع المتصرف في الموات من ذلك، وهذا المنع في حكم الوقاية للملك سمي حريماً.

ويظهر الحريم ويتسع في القنوات اتساعاً بيّناً، فإذا احتفر الإنسان قناةً في موات، وتملك آبارها، ورسومَها، وأسرابها، فيحرم على من يريد التصرف في الموات أن يتصرف تصرفاً يضر بالقناة، ويُفضي إلى هدمها أو ينقُص من مائها. ولو أراد مريدٌ أن يجري على معارضة تلك القناة [قناة] (١) أخرى، ولو فعل، لانقلب ماء هذه القناة المتقدّمة إلى المستحدثة، فهذا ممنوع، ويختلف ما ذكرناه باختلاف صفات الأراضي، فإنها تكون حَرّة (٢)، وحصبة، وذاتَ رملٍ متخلخل.

والجملة ما ذكرناه من المنع من التصرف المنقص.

هذا أحد القسمين المذكورين في الحريم.

٥٦٦٨ - والقسم الثاني - لا يتعلق بخيفة الهدم، ولكنه يتعلق بالاتساع، وإثبات المضطرب، وهذا قد يقع عاماً لأهل القرية بالإضافة إلى الموات، فلهم فيه مطرحُ التراب، ومناخُ الإبل، ومجتمعُ النادي، وملعبُ الصبيان، ومركض الخيل إن كان سكان القرية خيّالة.

فأما المحتطَب والمرعى الذي ينشر فيه بهائم القرية، فالقول فيه ينقسم، فما يبعد لا يستحقّه أهل القرية، ولو أحياه محيٍ، ملكه، فأما ما يقرب من القرية، فلا يستقل مرعىً ومحتطَباً، ولكن قد تستدير البهائم بالقرب من القرية إذا استشعر أهلُها خوفاً من الإبعاد، فما كان كذلك، فهو مختلف فيه، على ما ذكره الشيخ أبو علي، والرأي الظاهر أنه ليس من حقوق القرية. هذا فيما يتعلق بالقرى على الجملة.


(١) ساقطهَ من الأصل.
(٢) أرض حرّة: ذات حجارة سود كأنها أحرقت. وحصبة: كثيرة الحصباء. (المعجم).