والمساكن، فلو [أجلس](١) فيها قصاراً، أو حداداً، فهذا -والدار كما وصفناها- خارجٌ عن الاعتياد، والظاهر عندنا منعُه؛ فإنه وإن كان ارتفاقاً، فهو مجاوز للعادة، وكذلك إذا اتخد داره حمّاماً، وهي محفوفة بالمساكن، فهذا من القبيل الذي ذكرناه، إلا أن يستمكن من الإبرام والإحكام على حدٍّ لا يزيد ضرره على ضرر المرافق المعتادة.
وكان شيخي يتردد في اتخاد الإنسان داره مدبغةً، ويميل إلى التجويز؛ فإن الضرار إذا كان لا يتعلق بالدور فتضرر السكان بالروائح لا يوجب منعَ المالك من التصرف.
وهذا محتملٌ على ما كان يتردد فيه رحمه الله.
٥٦٧٠ - والقول المغني عن التفصيل: إذا جاوز في التصرف العادةَ وعُد في حق نفسه مضرّاً بملك نفسه، فهذا لا يحتمل. وإن كان مرتفقاً بملك نفسه، ولكنه جاوز العادةَ في ذلك الفن وجرّ ضراراً ظاهراً، فهذا في ظاهر المذهب لا يحتمل. وإن لم يجرّ ضراراً على المساكن، وارتفق ارتفاقاً لا يعتاد، وجرّ إلى السكان تضرراً، فهذا فيه احتمال ظاهر. فهذا منتهى القول في ذلك والله المستعان.