للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في التولية

٥٧٣٣ - وهو من قواعد الكتاب، وفيه أمر يكاد أن يخرج عن القياس بعضَ الخروج.

والذي نراه أن نذكر التفصيلَ في الوقف على الجهات، ثم نذكر الوقف على معيّنين.

فأما إذا وقف على جهةٍ، كالوقف على المساكين، فإن شرط التولية لنفسه، وصرّح به، فهو القائم بالصدقة لا يزاحَم، سواء قلنا: الملك له في رقبة الوقف، أو قلنا: إنه زائلٌ إلى الله تعالى، ولا يجري في الأوقاف على الجهات إلا قولان؛ فإن إضافة الملك في الرقبة إلى المساكين لا يتجه. هكذا قال الأئمة.

وعندي أنه لا يمتنع تقدير إضافة الملك إليهم، كما أنا نضيف الملك في رَيْع الوقف إليهم، والملك في الريع محقق، فإذا لم يمتنع إضافة الملك المحقق، لم يمتنع إضافة الملك المقدّر.

وغرض الفصل الآن أن حق التولِّي يثبت للواقف إذا شرط لنفسه، فإن قيل: هلاّ كان حق التولي تابعاً لملك الرقبة؛ حتى يقال: إن أضفنا الملك إلى الواقف، فحق التولِّي له، وإن أضفناه إلى الله تعالى، فحق التولي للسلطان؟ قلنا: حق التولِّي من جملة الحقوق المستفادة من الوقف، والمتَّبع في [حقوق] (١) الوقف شرط الواقف.

ثم إذا شرط الواقف لنفسه حقَّ التولِّي، فليس هو بمثابة ما لو أثبت لنفسه في الوقف حظّاً ونصيباً، وكل ذلك متفق عليه.

والذي تمهد مذهب العلماء فيه قديماً وحديثاً أن الواقف هو المتقرِّب إلى الله تعالى بصدقته، فكان أولى بالقيام عليها من غيره، فإذا انضم إلى ما ذكرناه تصريح الواقف بشرط التولي لنفسه، لم يبق ريبٌ في اختصاصه بالتولِّي.


(١) في الأصل: حكم.