للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان شيخي لا يعرف هذا، وينزل الهبة منزلة البيع. وقد أجرى هو وغيره قولين في هبة الغائب، كما أجروْهما في بيع الغائب، وسنذكر في باب العمرى والرقبى أن تعليق الهبة باطل، والوصايا تقبل التعليقات، كما سيأتي شرحها، إن شاء الله تعالى.

٥٨٣٨ - وذكر طائفة من أصحابنا في صحة هبة المرهون وجهين: أحدهما - البطلان؛ قياساً على البيع.

والثاني - الصحة، ومعناه البناء على الانتظار، فإن بِيع الرهنُ في حق المرتهن، تبيّنا بطلانَ الهبة. وإن انفك الرهن، فالخِيرَةُ إلى الراهن الواهب. فإن أقبض، حصل الملك.

وهذا على ضعفه يتجه بشيء، وهو أن الهبة لا تُعقب الملك في وضعها؛ فإن صادفت مرهوناً، لم يبعد الانتظار فيها؛ فإن القبض المملّك منتظَرٌ، وهذا يجرّ خبطاً (١) عظيماً، ويُلزم تصحيحَ الهبة في الآبق، وما لا يقدر عليه في الحال.

ويجوز أن ينفصل عن الآبق؛ فإنه غير مقدورٍ عليه، والراهن قادر على فك الرهن بأداء الدين.

٥٨٣٩ - ومما يتصل بما نحن فيه القول في هبة الدين. (٢ ونحن نقدم عليه تفصيل القول في بيع الدين، وقد قدّمتُ -فيما أظن- قولين في بيع الدين ٢) من غير مَنْ عليه الدين، وغرضنا الآن تفصيل القول في الهبة. فإن حكمنا بصحة بيع الدين، ففي صحة هبته وجهان ذكرهما صاحب التقريب: أحدهما - أنه يصح هبة الدين، فإن ما يصح بيعه، يصح هبته.

والثاني - لا يصح هبته؛ فإن الهبة تفتقر إلى القبض، والدين لا يتصور قبضه وهو دين.

فإن قلنا: لا تصح الهبة، فلا كلام.


(١) (د ١)، (ت ٣): يخرج خبلاً.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (د ١)، (ت ٣).