ومن أصحابنا من فصّل، وقال: إن كان يغلب ضياع اللقطة لكونها على مطرق الناس والغالب عليهم الاستزلال، والاختزال، فهذا محل الوجوب، أو محل القولين. وإن لم يظهر ذلك، تعيّن القطع بنفي الوجوب.
ومن أصحابنا من قال: إن كان لا يأمن الملتقط نفسَه، ولا يثق بها، فلا يجب عليه الالتقاط، قولاً واحداً، والقولان فيمن يغلب على ظنه أنه لا يخون.
ومنهم من سوى، ولم يفرق إذا كان الشخص من أهل الالتقاط وأوجب على من يحاذر داعية السوء أن يتقي الله تعالى.
٥٩٣٣ - وكل ذلك خبط، لا معنى للإطناب فيه.
والوجه القطع بأنه لا يجب الالتقاط.
ثم قال الأصحاب: إذا نفينا الوجوب، وكان الرجل في ظاهر الظن واثقاً بنفسه، فهل يستحب له أن يلتقط؟ فعلى وجهين. وإن كان لا يثق بنفسه، ولكن لم يلتحق بالفسقة حتى يتردد في أنه هل يكون من أهل الالتقاط أم لا؟ فلا نستحبُّ له إذا نفينا الوجوبَ أن يلتقط.
وذكر شيخي وجهين حيث انتهى الكلام إليه في أنه هل يجوز له أن يلتقط إذا كان لا يثق بنفسه؟ وهذا يقرب من خلافٍ سنذكره في أن المجتهد الصالح للقضاء إذا كان لا يثق بنفسه، ولا يأمن أن يخون ويرتشي، ويغير الأحكام عن مناصبها، فهل يحل له تقلّد القضاء؟ وفيه خلافٌ، وترتيب سيأتي الذكر عليه في أول أدب القضاء، إن شاء الله عز وجل.
٥٩٣٤ - والوجه عندنا هاهنا القطع بجواز الالتقاط؛ فإنه لو حرم الالتقاط، لما تعلق به جواز التعريف والتملك، وإذا كان كل ذلك ثابتاً، والملتقط ليس ممن يُحكم بفسقه، وسقوط رشده، فلا وجه لتحريم الالتقاط عليه. هذا منتهى الكلام.