للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثاني - لا يصح؛ فإن الهبة عقدٌ متعلِّق بقولٍ، ويبعد أن يصح من العبد عقدٌ يتضمن تمليكَ السيد من غير إذن السيد.

ولم يختلف أصحابنا أن العبد إذا خالع زوجته على مالٍ أن الخلع يصح، وعوضه يدخل في ملك سيد العبد قهراً دخول الصيد إذا اصطاد العبدُ؛ فإن العوض في الخلع يتبع الإبانة (١)، وهي حق الزوج، فلم يثبت مقصوداً، وملك الموهوب مقصودُ الهبة.

٥٩٦٠ - فإذا ثبت ذلك، فلو عرّف العبدُ اللقطةَ، وتملكها بعد السنة للسيد، فقد ذكر صاحب التقريب وجهين في صحة ذلك: أصحهما (٢) - أنه لا يصح؛ فإنه تملك للسيد بعوضٍ، وليس كالتملك بالهبة.

وحق ما ذكره من الوجهين أن يرتبا على الوجهين في انفراد العبد بالاتهاب، وهذا أولى بألا يصح، والفرق لائح.

٥٩٦١ - ولو اشترى العبدُ شيئاً بثمن في الذمة بغير إذن مولاه، فالأصح بطلان البيع. وقد ذكرنا قولاً بعيداً: إن البيع يصح، وهو ضعيف غير معتد به، ومن صححه، فالثمن عنده في ذمة العبد يطالب به إذا عتَق.

٥٩٦٢ - فإن قلنا: يصح تملك العبد للسيد، فيبعد أن يقال: لا يطالب السيد بعوض اللقطة إذا ظهر مالكها، وليس كما إذا فرعنا على صحة شراء العبد بغير إذن سيده؛ فإن البائع رضي بذمة العبد، ولم يرض مالك اللقطة بذمة العبد في مسألتنا، فيجب القطع بأنا إذا صححنا تملّكَ العبد لسيده، فالعوض في ذمة السيد.

فإن قيل: فجوِّزوا أن يستقرض العبد لسيده، ويشغل ذمته بعوض القرض. قلنا: ذلك غير سائغ، والفرق على هذا الوجه الضعيف أنا جعلنا العبد من أهل الالتقاط، وهو السبب الأظهر في التملك، حتى كأنه ملتحق بالأفعال المملّكة، كالاحتشاش ونحوه.


(١) (د ١)، (ت ٣): الإنابة.
(٢) (د ١)، (ت ٣): أحدهما.