لضاع، وسبب الأمر بالتعريف فيما لا يفسد التسبب إلى ظهور مالك اللقطة، ليأخذها قبل أن تملك عليه، فإذا كان التعريف يؤدي إلى إفساد المال، استحال اشتراط تقديمه.
ثم إذا أكل الطعام، فهل يجب عليه التعريف بعد الاكل؟
فعلى وجهين: أحدهما - لا يجب عليه، فإنَّ وَضْع التعريف في الشرع أن يقدّم على التصرف في اللقطة، فإذا تقدم التصرف، وفاتت العين، فالتعريف خارج عن وضعه، ويشهد لهذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما سئل عن الشاة يجدها الواجد، فقال:" هي لك، أو لأخيك، أو للذئب " ولم يتعرض صلى الله عليه وسلم لإيجاب التعريف، والطعام في معنى الشاة، وأيضاً التعريف في المضْيعة لا يفيد، والطعام مما لا يطلب في الغالب، فإذا تقدم الأكل ولم يُفد التعريفُ في مكان الوجود، وبَعُد العثور على صاحب الطعام في بلدةٍ سيصل إليها، فاجتماع هذه
الأسباب يُسقط التعريف.
والوجه الثاني - أنه لا بدّ من التعريف؛ فإنه لو تركه، وقد أكل الطعام، كان في حكم الكاتم المُغَيِّب لملك الغير. وهذا بعيد.
٥٩٨٢ - فأما ما لا يتسارع إليه الفساد، فلا بد من تعريفه سنةً أوّلاً.
وسبيل تعريفه ما ذكرناه في فصول التعريف، فيبتدىء التعريف إذا انتهى إلى البلدة التي يقصدها، وقد قدمنا تفصيل ذلك.
٥٩٨٣ - فأما الحيوان إذا وجد في الصحراء، فلا يخلو إما أن يكون مما يمتنع عن صغار السباع كالإبل، والبقر، والخيل، والبغال، والحمير، فلا يجوز التعرض لها. والدليل عليه حديث زيد بن خالد، وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله متبعٌ، وفيه مَقْنع، ولعل المعنى أن هذه الحيوانات لا يطرقُها الطارقون في الصحارى إلا على الندور، وهي ممتنعة من صغار السباع، ويندر انتهاءُ كبار السباع إليها، كالأُسْد والنمور، وكأنها ليست ضائعة، وقد يخطر للإنسان أن الحُمر ضعيفة لا تمتنع عن الذئاب، ولكن الأصحاب مجمعون على إلحاق الحُمر بالحيوانات الممتنعة عن صغار السباع.