للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذا كان بيعه ممكناً؟ فعلى قولين: أحدهما - أنه يأكله، وفي بعض الكتب (١) أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيمن وجد طعاماً: " أكله، ولم يعرّفه " (٢).

والقول الثاني - أنه لا يأكله، بل يسعى في بيعه، ثم إن كان في الموضع حاكم، فرفعت القصة إليه، وباع الطعام، فلا كلام.

وإن أراد الملتقط أن ينفرد بالبيع مع القدرة على مراجعة الحاكم، ففي المسألة وجهان مشهوران: أحدهما - أنه لا يبيعه؛ فإن التصرف بالبيع في الأموال التي غاب عنها ملاكُها إلى الحكام.

والوجه الثاني - أن الملتقط ينفرد ببيعها، كما ينفرد بأخذها وتعريفها وتملكها، والسبب في ذلك أن الشرع أثبت له التصرفَ في اللقطة على الموضوعات المعلومة في الشريعة.

التفريع:

٥٩٨٩ - إن حكمنا بأن واجد الطعام يأكله، فالأصح أنه يجب عليه التعريف، بخلاف ما لو وجد الطعام في الصحراء؛ فإن التعريف في المفازة عسرٌ، غيرُ مجدٍ، وإذا استأخر التعريف بَعُد العثور على مستحق الحق، والأمر في العمران على خلاف ذلك.

ثم إذا أوجبنا التعريف، فالتعريف يعتمد ذكرَ بعض أوصاف الطعام؛ فإنه المعرَّف، وبذكره يتوقع العثور على مالكه.

٥٩٩٠ - ثم هل يجب على معرِّفه أن يميِّز قيمته من ماله، حتى يقع التعريفُ، والقيمةُ مُمَيَّزَةٌ؟ فعلى وجهين معروفين: أطلقهما الأصحاب: أحد الوجهين - أن ذلك واجب، لتقومَ القيمة مقام المقوَّم، ويصادفَ التعريفُ كائناً موجوداً خلفاً عن العين المستهلكة.


(١) في بعض الكتب: يقصد الإمام أبا القاسم الفوراني، وإمامنا شديد الحط عليه، وتضعيفه -وبخاصة- في النقل.
(٢) نقل الحافظ في التلخيص قول الإمام الرافعي في "التذنيب" عن هذا الحديث: " الأكثرون لم ينقلوا في الطعام حديثاً، بل أخذوا حكم ما يفسد من الطعام من قوله صلى الله عليه وسلم؛ هي لك أو لأخيك أو للذئب ". فافهم أن هذا ليس بحديث. ر. التلخيص: ٣/ ٧٥ ح ١٣٣٦.