للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أعناقها (١)، وأخذت أصوابَها، فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز ترك الإنشاد؛ حملاً على ما نبهنا عليه.

ويجوز للقائل الأول أن يقول: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريمَ اللقطة في سياق ذكْرِه خصائص الحرم وما يتعلق به من تحريمٍ وتعظيمٍ، وليس في كلامه ما يشعر بالتعرض للمواسم ومزدحم الخلق. ثم هذا لا يختص بالحرم، بل يمكن فرضه في كل بقعة يجتمع عليها سَفْرٌ (٢)، ثم ينقلبون.

فصل

٦٠٠٨ - قد ذكرنا أصل الالتقاط وأنه واجب، أو مستحب، أو مباح، وقد تردد نص الشافعي في الإشهاد على الالتقاط، فدل بعضُ مجاري كلامه على إيجاب ذلك، وقد اختلف أصحابنا فيه:

فمنهم من قال: يجب الإشهاد، وهو مذهب أبي حنيفة (٣)، وفي بعض التصانيف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من التقط لقطة، فليشهد عليها " (٤) وهذا إن صح متعلق قوي.

ومن أصحابنا من قال: الإشهاد احتياط، وهو غير واجب، وهو مذهب أبي يوسف، وتعليله أن الالتقاط تردد بين الأمانة والكسب، ولا يجب الإشهاد عليهما


(١) " مدت المطي أعناقها " كناية عن السرعة في السير.
(٢) السفْر: بسكون الفاء: المسافر للواحد والجمع.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ١٤٠، المبسوط: ١١/ ١٢، البدائع: ٦/ ٢٠١، تبيين الحقائق مع حاشية الشلبي: ٣/ ٣٠١، ٣٠٢، الاختيار: ٣/ ٣٢. وانظر هنا أيضاً مذهب أبي يوسف الذي سيشير إليه الإمام.
(٤) حديث الإشهاد على اللقطة رواه أبو داود: اللقطة، التعريف باللقطة، ح ١٧٠٩، والنسائي في الكبرى: اللقطة، باب الإشهاد على اللقطة، ح ٥٨٠٨، وابن ماجه: اللقطة، باب اللقطة، ح ٢٥٠٥، وابن حبان: ٧/ ١٩٩ رقم: ٤٨٧٤، والبيهقي في الكبرى: ٦/ ١٩٣، والطحاوي في معاني الآثار: ١٣٦، والطبراني في الكبير: ٩٨٥، ٩٨٩، ٩٩٠، ٩٩١. والحديث صحيح كما قال ابن الملقن في البدر المنير: ٧/ ١٥٣، وانظر التلخيص: ٣/ ١٦١ ح ١٣٧٠.